الخميس 12 ديسمبر 2024

قطة في عرين الأسد بقلم بنوتة أسمرة

انت في الصفحة 72 من 72 صفحات

موقع أيام نيوز

مجموعة الخطابات التى أهديتك اياها قبل وفاتى .. ان كنت تقرأين هذا الخطاب والخطابات التى سبقته إذن فأنا لست معك وقد فارقت هذه الحياة .. مريم أعلم جيدا بقوة ما كان بيننا .. لكن الحياة تستمر ولا تتوقف عند أحد .. أنا الآن مستبشر وظانا فى ربي أننى فى مكان أفضل بكثير .. وفى درجة أعلى بكثير .. وفى نعم أحلى بكثير .. أنت أيضا سترحلين يوما ما .. فلا تضيغي تلك اللحظات وتلك الأوقات فى الحزن واللإكتئاب .. فما ضاع لن يعود .. لا تضيعي أيام عمرك سدى .. من حقك أن تحبي مرة أخرى .. أنت بشړ ولست جمادا .. ولديك قلب مرهف بالمشاعر والأحاسيس .. ولديك ايمان قوى وعقل ناضج .. كونى بهم أسرة تكون خير عون لك فى الدنيا .. وتكونين راعية لهم .. تكوين أسرة مسلمة فيه من الأجر الكبير فلا تضيعيه بالنظر الى ماضى لن يعود يوما .. ولا تقلقى يا مريم فى الجنة لا يوجد حزن ولا هم ولا دموع .. فى الجنه فرح وسعادة ونعيم .. سأهنأ أنا وتهأنئين أنتى .. حتى لو لم تصبحى زوجتى فى الجنة .. فلا يمكن أن يكون ذلك سببا فى تعاسة أى منا .. لأن فى الجنة نعيم فقط .. ما أهديتك كل الخطابات السابقة الا لتكون عونا لك فى وحدتك على تجاوز
الأزمة .. وهذا خطابي الأخير يا مريم وأأمل أن أكون حققت به غرضى .. طلب الأخير .. أن تحرقى كل الخطابات بما فيهم هذا الخطاب .. وتمحين صورنا معا .. وتتخلصى من الدبلة الذهبية اتى وضعتها فى اصبعك بنفس الطريقة التى تخلصتى بها من الزهرة .. وأخيرا وليس آخرا .. أستودعك الله الذى لا تضيع ودائعه .. ماجد
ترقرقت العبرات فى عينيها بعدما انتهت من قراءة الخطاب .. طوته ووضعته
فى ظرفه .. قال مراد وقد بدا شاردا 
كان انسان جميل أوى
قالت مريم بخفوت 
ربنا يرحمه
نظرت الى مراد تحاول معرفة ما يدور فى عقله .. قائلا 
ربنا يخليكي ليا
أحاطته بذراعيها وقالت مبتسمه 
ويخليك ليا
وقفا معا فى نفس المكان الذى ألقت فيه مريم الزهرة .. ألقت الدبلة فى الماء ونظرت اليها وهى تغوص فيه .. ثم نظرت الى دبلة مراد التى تزين يدها تلمستها بأصابعها مبتسمه .. فنظر اليها مراد وعيناه تشعان حبا وحنانا .. فسألها فجأة 
عمرك ما هتندمى انك اتجوزتينى 
نظرت اليه بسرعة قائله 
لا طبعا .. عمرى
سألها بإهتمام 
عمرك ما هتحسي بالنقص معايا 
صمتت قليلا ثم قالت 
ليه أحس بالنقص 
شرد مراد قائلا 
أكيد كنتى طول عمرك بتتمنى انك تتجوزى راجل عادى .. طبيعي .. وعمرك ما تخيلتى انك تتجوزى واحد معاق .. دلوقتى أكيد حسه ولو 1 بالنقص وبإن فى حاجة فى حلمك ناقصه
أمسكته مريم من يده قائله بحنان 
انت اللى حاسس بالنقص مش أنا يا مراد
ظهرت سحابة حزن فى عينيه .. وظهر فيهما القلق والتوتر .. قالت مريم بحزم 
مراد فى مكان لازم نروحه سوا
سألها بإهتمام 
مكان ايه 
جذبته من يده وتوجها الى السيارة وقالت 
سوق وأنا أقولك
جعلته مريم يتوقف أمام احدى البنايات فى أحد الأحياء الهادئة .. نظر حوله قائلا 
جبتينا هنا ليه 
نظرت مريم الى أحد الافتات الموضوعه على احدى البنايات تتبع مراد نظرها ونظر الى اللافتة التى تنظر اليها والمكتوب عليها دار رعاية للأيتام المعاقين ..الټفت پحده ينظر الى مريم فقالت بحزم 
يلا ننزل
نزلت مريم من السيارة .. ونزل مراد ووقف أمامها وقال بإستغراب 
انتى عرفتى المكان ده منين 
قالت مريم بهدوء 
عملت ليهم شغل ديزاين قبل كده
قال مراد بإهتمام 
وجايبانا هنا ليه 
نظرت اليه بحنان قائله 
هتعرف دلوقتى
شبكت أصابعها فى أصابعه ودخلا معا الى الجمعية .. توقفت أمام أحد العنابر .. نظرت الى مراد ترقب تعبيرات وجهه المندهشة ونظارت عينيه القلقه المتوترة .. فتحت باب العنبر وسبقته الى الداخل .. دخل مراد وأدار نظره فى الأسرة المرصوصة على الصفين .. كان على كل سرير طفل .. ولكن ليس كأى طفل .. هذا أحد الأطفال لديه كف واحد فقط والآخر مبتور .. وهذا طفل لديه ذراع مبتور .. وهذا طفل لديه جزء من قدمه مبتور .. وقف مراد ينقل بصره بين الأسره وعيناه تغشاهما العبرات وقد عقد ما بين حاجبيه بشده .. توقفت مريم أمام أحد الأسره وذهبت لتجلس بجوار الطفل الجالس فوقها أشارت الى مراد ليتقدم نحوها ففعل .. نظر مراد الى الطفل الذى تجلس بجواره خفق قلبه قهرا وألما عندما نظر الى الطفل لجده بدون ذراعان .. كان الطفل يمسك كوب الماء بقدميه ويرفعه الى فمه .. قالت مريم للطفل وهى تحاول اخفاء تأثرها 
ازيك يا حبيبى
قال الطفل بخجل 
الحمد لله
سألته مريم 
اسمك ايه 
قال الطفل مبتسما 
اسمي محمد
صاحت مريم 
الله اسمك جميل أوى يا محمد
ابتسم الطفل وأطرق رأسه بخجل .. مسحت على رأسه قائله 
عندك كم سنة يا محمد 
رفع 4 أصابع من قدمه .. فقالت مريم 
وكمان بتعرف تعد .. ده انت شطور أوى يا محمد
شعر الطفل بالسعادة وهو يسمع الى كلمات مريم المشجعه .. جلس مراد بجوار الطفل ونظر اليه قائلا 
تعرف ان أنا نفسي أسمى ابنك على اسمك
قال الطفل مبتسما 
انت عندك ابن 
قال
له مراد مبتسما 
هيبقى عندى ان شاء الله
قال الطفل 
هتسميه محمد زيى 
ابتسم له مراد قائلا 
أيوة هسميه محمد زيك
قال الطفل عابسا 
بس مش هيرضى يلعب معايا عشان أنا معنديش ايدين
شعر مراد بالألم لكلماته .. فقال له 
لا هيرضى يلعب معاك متخفش
ثم أشار الى قدمه قائلا 
مش انت بتقدر تعمل كل حاجه برجلك
قال الطفل بحماس 
أيوة .. بعرف آكل وأشرب وألعب كمان
قال له مراد مبتسما 
خلاص يبأه مفيش مشكلة وهتعرفوا تلعبوا مع بعض
ابتسم الطفل وقال 
خلاص يا عمو أنا هستناه لما يكبر عشان ألعب معاه
مسح مراد على رأسه وانحنى ليقبل رأسه .. مسحت مريم على وجنته قائله 
احنا هنمشى دلوقتى يا محمد بس هنجيلك تانى .. ماشى
أومأ برأسه قائلا 
ماشى
لوح لهما بقدمه مودعا .. و مريم تلوح له هى و مراد .. خرجا خارج العنبر وكادت أن تتوجه مريم الى باب الخروج فقال لها مراد 
استنى
سأل أحد العاملين عن مكتب المدير .. توجه اليه و شكره على اهتمامه برعاية مثل هؤلاء الأطفال اللذين هم فى أمس الحاجة للرعاية بعدما فقدوا أبويهم وعانوا من مرارة اليتم قبل مرارة الإعاقة .. قدم اليه مراد شيكا بمبلغ كبير تبرعا منه لهؤلاء الأطفال .. شد المدير على يده يشكره على صنيعه .. خرج مراد مع مريم من الدار وفتحت باب السيارة لتركب لكنه أوقفها وأغلق الباب وقبل يدها ورأسها ونظر اليها يحتويها بعينيه .. ابتسمت مريم له دون أن تتحدث .. فتحدث هو قائلا 
الحمد لله
قالت مريم 
من قلبك 
ابتسم قائلا 
من قلبي
قالت وهى تنظر اليه بحب 
ماشى يا أبو محمد
سألها قائلا 
يعني موافقة 
قالت 
طبعا موافقه أنا كمان بحب الاسم ده
غاص فى بحر عينيها قائلا بتأثر 
مش عارف من غيرك كانت هتبقى حياتى عامله ازاى ..
انتى غيرتيني يا مريم .. خلتيني مراد تانى .. بس اوعى تهمليني فى يوم من الأيام لانى دايما هفضل محتاجلك جمبي .. ايدك فى ايدي
أمسك كفيها بين كفيه .. نظرت اليه بحنان قائله 
انت كمان غيرتنى يا مراد وخلتنى مريم تانية .. ومش عايزاك تبعد عنى لحظة لانى مبحسش بالأمان غير لما بكون جمبك .. وايدي فى ايدك
ضغطت بيدها على يده برفق فتشبث بهما بقوة
احتواها بعينيه قائلا 
بحبك يا مريومتى
احتوته بعينيها وقالت مبتسمه 
بحبك يا مرادى
ابتسم لها وتطلع اليها فى حنان .. بحثت مريم فى عينيه عن القلق والخۏف والحزن والألم لكنها لم تجد لهم أثرا .. لم تجد إلا الحب .. الحب فقط.
... تمت بحمد الله

71  72 

انت في الصفحة 72 من 72 صفحات