قلوب حائرة بقلم روز أمين
يا بابي!
بابتسامة هادئة أجابها متراجعا
مفيش يا حبيبتيأنا كنت حابب بس أطمن عليكي
واستطرد وهو يهم بالوقوف كي ينسحب إلي الخارج
سيلاانا عاوز أقول لك إنك أهم حاجة في حياتي إنت وإخواتكوإن أي حاجة بعملها بتبقي من خۏفي عليكم وعلي مستقبلكم
أومات له بإبتسامة حنون قابلها بأخري هادئة وتحرك إلي الخارج تاركا إياها لمتابعة دروسها ثم تحدث بنبرة هادئة
نظر عليها وما وجد منها سوي الصمت الذي بات يمقته منها مؤخرازفر بأسي وأردف بهدوء كي يستدعي إسترضائها
أنا عارف إنك زعلانة مني وليكي كل الحقبس لازم كمان تعذريني وتقدري الظروف اللي أنا كنت فيها
تنهد لصمتها المستمر واستطرد بصوت يحمل بين طياته أنينا مؤلما
أنا تعبان قوي يا مليكةمحتاج تاخديني في حضنك وتطبطبي عليا مش تهجريني بالشكل ده
من فضلك يا سيادة العميدأنا نعسانة وعاوزة أنام
لكنه فوجئ بذهابها إلي الأريكة وبدأت بتجهيز نومها ككل يوم منذ مشادتها معه
تحرك إليها وقبل أن تتسطح فوق الاريكة جذبها من كفها وتحدث مستعطفا إياها بنبراته ونظراته
مليكةما ينفعش اللي إنت بتعمليه دهإحنا لازم نتكلم
إحنا مش هنقضي بقية عمرنا متخاصمين وكل واحد مننا نايم في مكان بعيد عن التاني
ترقب حديثها وما وجد منها سوي الصمت وكأنها ابرمت معه إتفاقا كي تقود الآخر إلي الجنونهتف بلهجة محتدة
إنت ساكتة ليه!
أنا نعسانة وعاوزة أناممن فضلك تقفل النور نطقتها ببرود ثم قامت بسحب يدها من بين كفه وتمددت فوق الاريكة داثرة جسدها تحث الفراش مما
تنهد بهدوء بصعوبة شديدة استدعاه ثم أردف مراعيا حالة الڠضب والثورة اللتان إنتباها بعد إهانته لها
حاضر يا مليكةأنا هبعد لو كان ده فيه راحتكبس خلي بالك
واستطرد بإبتسامة حنون وهو ينظر داخل مقلتيها باشتياق ورغبة نالتا استحسانها
نطقها وانسحب من أمام تلك المكفهرة التي وما أن أغلق الإضاءة وشعرت بمكوثه فوق التخت حتي إنفرجت أساريرها وابتسمت رغم إستمرارها لاحتدامها منه
صباحاوالذي وافق يوم الجمعة يوم فطور العائلة الجماعي
فاق من نومه بجسد مرهق وصداع يكاد يفتك برأسه من شدته
بصعوبة قام بفتح جفونه وبلهفة نظر علي مكانها متأملا رؤية وجههاأصابه الإحباط حين وجده خاليا من وجودهافتذكر ورفع رأسه يتطلع علي الأريكة وجدها خالية هي الأخرييبدوا أنها حملت صغيرتها وتسحبت من جواره عندما سقط في غوفة متأثرا بإرهاقه الشديد جراء إنتظاره لعفوها والسماح له بدخول أحضانها من جديد
إدخل
فتح الباب ودخل منه ذاك الانس الذي هرول إلي ياسين وتحدث بنبرة حماسية
صباح الخير يا بابي
صباح الفل يا قلب بابي نطقها بحبور ثم إلتقط الصغير وقام برفعه وأجلسه داخل أحضانه وتحدث وهو يقبل وجنته
عامل إيه يا أنوس باشا
أردف بإبتسامة سعيدة
الحمدلله يا بابي
واستطرد بإعلام
مامي قالت لي أطلع أصحيك علشان الفطار جهزوجدو عز وجدو عبدالرحمن قاعدين يلعبوا شطرنج في الجنينة
تنهد بثقل وتحدث إلي الصغير
حاضر يا حبيبيإقعد إستناني هنا علي ما ادخل الحمام وأغير هدومي وارجع لك علشان ننزل سوا
أوك يا بابي نطقها الصغير فانزله الآخر عن ساقيه واجلسه يتوسط التخت وتحرك متجها إلي الحمام
بعد قليل نزل من فوق الدرج حاملا الصغير الذي نزل وهرول إلي مروان وحمزة وياسر الجالسون فوق المقاعد المتواجدة بالبهو وهم ينتظرون الإنتهاء من تجهيز الطعامتحرك ياسين بطريقه إلي الخارج بعدما ألقي التحية علي الصغار
كان الصغار يجلسون بأرضية المكان يلتفون حول عز ويلهون بألعابهموقفت ليزا وتحركت إلي مروان وتحدثت تشتكيه
مارورائف سراج أخد العروسة بتاعتي وشد شعرها ومش راضي يديهاني
إنتبه لها وتحدث بنبرة هادئة وهو ينظر إلي الصغير الذي لم يتعدي عمره الثلاثة أعوام
معلش يا حبيبتيإلعبي بأي حاجة تانية وهو شوية وهيزهق ويرميها
بس دي العروسة اللي إنت جبتها لي يا مارو وانا بحبها تنام في حضڼي وشعرها متسرح كويس نطقتها بعيناي حزينة فعقب الاخر بهدوء لكي لا يحزنها
هبقي أجيب لك واحدة غيرها
مطت شفتاها للأمام وتحدثت وهي تدق بساقيها فوق الأرض پغضب عارم ظهر بين داخل مقلتيها بعدما أصابها حديثه بالإحباط
دي عروستي أنا ومش هسيبها لحد
واسترسلت بحدة
ومش عاوزة منك حاجةأنا هروح أخدها منه
جحظت عيناه لملاحظته ڠضبها بتلك الطريقة العڼيفة فتحدث بنبرة حنون وهو يسحبها من كفها وإعادتها إليه من جديد بعدما كانت تتحرك بطريقها إلي رائف
طب إهدي يا قلبي وتعالي وانا هعمل لك اللي يرضيك
وتحرك إلي الصغير وسحب منه الدمية وبدلها له بأخري أسعدته
وأعاد إلي تلك المتمردة الغاضبة دميتها فانفرجت أساريرها وتحركت معه إلي الأريكة وضلت جالسه بجواره تستمع بحبور وتمعن لحواره مع رفاقه حمزة وياسر
أتت مليكة وبلغت الأطفال بتحضير طاولة الطعام وتحرك الجميع إلي الخارج والتفوا حول المائدة وبدأوا يتناولون طعامهم تحت سعادتهم دون ذاك الثنائي العنيدان وتلك العاشقة الصغيرة
باليوم التالي ليلا أزعلكأنا كنت متضايق وشايط من موضوع سيلا وللأسفمن غير ما أحس صبيت ڠضبي كله عليكي
واستطرد بعيناي مترجية
أنا أسف
أغمضت عيناها ثم فتحتهما من جديد وأردفت متسائلة بأسي
أنا مرات أب لأولادك يا ياسين
ليه! إيه اللي أنا عملته فيهم خلاك تشوفني وتبص لي بالعين دي
واسترسلت بإبانة
أنا لو كنت بعدت عن أيسل الفترة اللي فاتت فده علشان خاطر ما أضايقهاش ولأنها هي اللي كانت رافضة وجوديولما أحتاجت لي وحسيتها قابلة تدخلي في حياتها قربت واحتويتها
وبعيناي مټألمة تحدثت
أنا عمري ما كنت مرات أب ولا أستاهل منك توجعني بالكلمة والوصف ده يا ياسين
بعيناي نادمة تحدث بشجن أظهر كم أسفه
أنا أسفوالله العظيم أسف
واسترسل مستعطفا إياها بعيناه
ما تحاسبينيش علي كلمة طلعت مني ڠصب عني في وقت ڠضبي يا مليكة
نزلت دمعة هاربة منها مد يده سريعا وقام بتجفيفها وتحدثت هي بنبرة مټألمة
وقت الڠضب الإنسان بيخرج اللي موجود جوة قلبه يا ياسين
بنظرة عاتبة هز رأسه نافيا وتحدث بلسان العاشق الساكن بروحه
اللي في قلبي ليك مايقدرش علي وصفه كلام الدنيا كله يا مليكةإزاي قدرتي تقولي كدة
أراد مداعبتها فتحدث بنبرة لائمة
واللي بيحب حد بردوا بيروح يفتن عليه
إرتبك داخلها وخرجت سريعا من بين أحضانه ثم نظرت عليه بترقب فاسترسل لائما
رايحة تشتكيني لأبويا يا
مليكة
أناماحصلش نطقتها بنفي ماكر فتحدث هو بغمزة من عيناه
عيب عليكده أنا ياسين المغربي يعني بفهمها وهي طايرةوما حدش
يجرأ يعمل العملة دي ويفتن عليا عند الباشا غيرك
إبتسمت بتخابث ثم تحدثت باعتراف نال استحسانه
وهو أنت فاكر إني كنت هقدر أخبي الموضوع عليك كتيرما انت عارف حبيبتكما بتقدرش تخبي عنك حاجة أكتر من يومين
وكمان بتعترف من أول قلم نطقها بضحكة ساخرة فسألته بإلحاح
طب قولي بقيالباشا الكبير عمل معاك إيه
أنا محدش يقدر يعمل معايا حاجة غير حبيب جوزه وبس نطقها بإبتسامة رائعة وغمزة ساحرة
بعد مرور عشرة أيام
داخل مدافن عائلة المغربيفي مشهد مهيب مذكرا الجميع بمثوي الإنسان الأخيريلتف جميعهم حول قبر تلك التي قټلت غدورا حيث اليوم الذكري الأولي لرحيلها المؤلم للجميع
يقف أمام قپرها ينظر عليه بملامح وجه متأثرةتذكرها ومرت صورتها بمخيلته وبات يسترجع ذكرياته معهاإبتسامتها وحتي تذمرها وتمردهاكم كانت ك فراشة طليقة محبة للحياة تنهد وبات يدعو الله داخل سريرته بأن يتغمدها برحمته وأن يجعل ما تعرضت إليه في صحيفة أعمالها الحسنة
تتجاورتان بالجلوس فوق مقعديهما ثريا ومنال حيث تمسك كلا منهما نسخة من كتاب الله المقدسالمصحف الشريف ويتلوتان قراءة أياته المحكماتتجاورهما باقي نساء العائلةأما مليكة فكانت تجاور أيسل الوقوف وهي ټحتضنها بعدما اجهشت الفتاة ودخلت بنوبة بكاء شديدة وهي تتذكر ليلة رحيل والدتها المشؤومة وباتت تجلد حالها وتؤنبها علي تساهلها والمساهمة بشكل غير مباشر في عملية إغتيال والدتها
حضرتا للتو قسمة وداليدا بصحبة أحمد العشري الذي تحرك ووقف بجانب الرجال بعدما ألقي التحية علي جميعهمأما كلتا اللتان إستشاطتا وأصابهما الحنق وتأججتا مشاعرهما بعدما شاهدتا أيسل تلقي بحالها داخل أحضان من كانت غريمة لوالدتها
تحركتا ووقفتا بجانب الفتاة دون أن تعير أيا منهما نساء المغربي أجمعإحتدمت ملامح وجه قسمة وتحدثت إلي مليكة وهي تنتزع الفتاة من بين أحضانها بقوة وعڼف وتدخلها بخاصتها
هاتي البنت وروحي إقعدي زي اللي قاعدين
إرتبكت مليكة بعدما رأت إحتدام ملامحها وتحركت منسحبة بدون تعليق منعا لإثارة المشاكلفتحدثت داليدا مبكتة إياها كي تشعرها بالذنب متغاضية عن حالة الفتاة السيئة
خلاص يا سيلا نسيتي ماميقوام روحتي رميتي نفسك في حضڼ العقربة اللي خطفت بابي منها وكانت السبب الرئيسي في مۏتها!
وأكملت علي حديثها قسمة وباتتا تكيلا الإتهامات للفتاة ويؤنباها وأبيها متغافلتان عن حالة الفتاة حتي إنفجرت بعدما فقدت صبرها وما عاد فيها الإحتمال أكثرخرجت من داخل أحضان جدتها المسمۏمة وشهقت ثم أردفت معاتبة باستياء
كفاية بقي حرام عليكمإنتوا صعبان عليكم تشوفوني إنسانة طبيعية ومعنديش مشاكل نفسية!
ثم استرسلت وهي ترمق قسمة بنظرات لائمة
كفاية لحد كدة يا ناناأنا مش هسمح لكم تاني تسمموا حياتي زي ما عملتوا مع ماميكفاية إنكم حولتوها لمسخ تابع لكلامكم بعد ما كانت بريئة وقلبها نضيف
واستطردت معاتبة داليدا
جاية تلوميني ومستغربة قوي إني رميت نفسي في حضڼ مليكة!
طب كنتوا فين السنة اللي فاتت دي كلها وأنا ضايعة من نفسي!
هتفت قسمة مبررة
إسألي ياسين بيه المغربي اللي حرمنا نيجي ونشوفك وبعدك عننا واستفرد بيكي علشان يملي دماغك من ناحيتنا ويخلي له الجو مع الهانم بتاعتهويعرفوا يسيطروا عليكي ويخلوكي تنسي مامي ونانا وخالتو
تحركت إليهم تلك الراقية التي كانت تتسمع عليهم ورغم ضعف أصواتهم إلا أنها إستطاعت الإستماع إليهمأردفت قائلة بلهجة فظة
هو إنتوا دايما كدة ماعندكوش أي إحترام للمدافن ولا إتعاظ من المۏت
ثم لوت فاهها واخرجت صوتا ساخرا وتحدثت بتجهم وهي تنظر للون شعر قسمة القرمزي
طب لو بنتك ما اتعظتش من الي جرا لأختها تبقي معذورةإكمنها يعني لسة صغيرة ومتعشمة في الدنيا
واسترسلت متهكة وهي ترمقها ساخرة
طب وإنت يا اللي عديتي الخامسة وستين وبقيتي زي ما بيقولوا رجل برة ورجل جوة
ثم وضعت سبابتها وحاوطت به فكها واستطردت موبخة إياها بتهكم
بقي يا ولية بدل ما تتعظي من مۏت بنتك اللي راحت في عز شبابها وتعملي لأخرتكجاية السانوية بتاعتها بشعر أحمر!
رمقتها قسمة بنظرات اشمئزاز وهتفت داليدا موجهة حديثها إلي أيسل مستشهدة بحديث راقية
شايفة ستات عيلة أبوك يشرفوا إزايهما دول الناس اللي رميتي نفسك في حضنهم ونسيتينا علشانهم!
إحتدت ملامح الفتاة واردفت بنيرة رافضة
من فضلك يا خالتوياريت ما تغلطيش في أي حد من عيلتي أو تحاولي تقللي من شأنه لأني مش هسمح لك بده
جحظت أعين كلتا الحقودتين ورمقاها باشمئزاز تحت هتاف راقية التي تحدثت بحبور وانتصار
أيوة كدة يا سيلاإديهم فوق نفوخهم إياكش يحسوا
واسترسلت