قصه مشوقه لدعاء عبد الرحمن_ الجزء الثاني
ظاهرة بوضوح فى عينيها فقال
مالك يا حبيبتى ايه اللى مضايقك
مش شايف المناظر يا بلال.. هى البنات دى مش مكسوفة وهى واقفة بالشكل ده.. طب مش خايفين من أهاليهم.
هز رأسه باسى وكأن حديثها آثار شجونه وقال
يعنى انت من مرة واحدة وقلتى كده واضايقتى من المناظر.. أومال انا أعمل ايه اللى على مدار حياتى شفت اضعاف اضعاف المناظر دى.. ده غير الأشكال اللى كنت بقابلها فى شغلى أيام ما كنت بشتغل فى مركز كبير بعد تخرجى .. وكان بيورد علينا رجالة وستات والحاجات اللى كانت بتتعرض عليا ساعتها ورغم كده الواحد كان بيستحمل وبيصبر وبيغض بصره عن الحړام
وكنت بتقدر تستحمل كده ده ازاى
قال بشجن
علشان ربنا يا عبير .. كنت بصبر وبصوم كتير وبخرج طاقتى فى شغلى والدعوة والرياضة والحمد لله ربنا عصمنى
ثم نظر لها وقال بحب
مش كده وبس ..ده كمان كافأنى ورزقنى بزوجة صالحة زيك
ابتسمت رغم الشجن الذى لمسته من كلماته وحاولت تخفيف ما استعاده من ذكريات قد تضيق بها نفسه وقالت بمرح
نظر إلى ملابسه وقال بزهو مصطنع
لا وكله كوم والتيشرت الفظيع ده كوم لوحده
ضحك كلاهما وهما يسيران عكس اتجاه الطريق ليعودا أدراجهما إلى منازلهما وتركوا خلفهما شباب متسكعة وبنات متخبطة فى شهوات الدنيا وملذات الحياة متسلقين زورقا للحب يتخبط بهم فى بحار عالية الأمواج بعيدة القاع ذات اليمين وذات الشمال فهل يأمل لهم النجاة وقد بعد المرسى .
بعد العقد مباشرة أصرت عزة على المغادرة هى وعبير عزه وعبير فلقد كانت دنيا تتعامل معهما ببرود وبابتسامة خاوية من أى ترحيب مما جعلهن يشعرن بالوحدة فى بيتها وطلبا المغادرة بعد تهنئتها بالزواج بصحبة والدة فارس غادر الجميع وتركت والدة دنيا لفارس المجال أن يجلس مع دنيا قليلا على انفراد بعد أن أصبحت زوجته كانت متوترة وعيناها تفصح عن شىء ما مجهول ولكنها صامتة عندما حاول بثها شوقه لم تتجاوب معه وتعاملت معه ببرود ثم اعتذرت وكأن الأمر خارج عن سيطرتها حاول أن يعرف ما بها ولكنها لم تجب بشىء واضح غادرهو الآخر بعد أن طبع قبلة رقيقة على وجنتها مودعا أياها.
ورزقت عبير من بلال بأربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الأقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات كثيرة وليس أقل من ثلاث سنوات .
وخاضت مهرة فى مرحلة جديدة وهى مرحلة الثانوية العامة ورحلة بحثها عن ذاتها التى لم تنقطع طوال الفترة السابقة ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهولة ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى أفعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير! كانت أنوثتها قد لاحت فى الأفاق بقوة وطالت قامتها فجأة وأصبحت تضاهى أقرانها بجمال بري مشاكس ملفت للأنظار ولكن فارس لم يراها يوما إلا طفلته الصغيرة العنيدة التى يفخر بها دوما.
طرقت مهرة باب شقة فارس وهى تمسك بيدها بطفلين صغيرين بالكاد أتما السنتين من عمرهما أبتسمت أم فارس وهى تفتح لها الباب وتنظر إلى الولدين فى يدها وقالت وهى تنحنى لتأخذ واحدا منهما وتلاعبه
تعالى يا ام العيال ادخلى
دخلت مهرة وهى تضحك لمداعبة أم فارس وجلست ووضعت طفل منهما على قدمها وأخذت تهزه وتأرجحه و تقول
اه والله يا طنط .. أنا حاسة انى انا أمهم فعلا
أعطتهم أم فارس أحد قطع الألعاب الصغيرة وهى تقول
من يوم ما شوفتيهم بعد ما اتولدوا وانت شايلاهم.. بصراحة يا مهرة انت شلتى عبء كبير عن عبير
وضعت مهرة يديها فى خصرها وهى تقول بمشاغبة
يا سلام مش ساعتها كنتوا بتقولوا صغيرة ومش هتعرف تخلى بالها منهم.. وعزة مش مكفيها تاخد منهم واحد ..لا كمان كانت طمعانة فى اللى حطيت عينى عليه
ضحكت أم فارس وهى تقول باستغراب
هما طبق كشرى بتفرقى فيهم يابنتى.. دول أطفال
بس عرفت اخد بالى منهم ولا لاء
قالت أم فارس بإعجاب
عرفتى وابصملك بالعشرة
دارت مهرة ببصرها فى المنزل وهى تقول
هو فارس لسه مجاش من الشغل
ضړبت أم فارس بيدها على جبينها وهى تقول متذكرة
الأكل على الڼار ېخرب عقلك يا مهرة نستينى
نهضت واقفة وتابعت وهى فى طريقها للمطبخ
ده زمانه جاى هو ومراته ..عازمها على الغدا عندنا النهاردة
مطت شفتيها بامتعاض وهى تقول بصوت مرتفع
الله يكون فى عونك يا طنط أنا عارفة هتستحمليها ازاى
خرجت أم فارس من المطبخ ونظرت إلى مهرة بعتاب وقالت
لاء يا مهرة محبش اسمعك بتقولى كده لو فارس سمعك هيزعل أوى.. دى مراته برضة
لوحت مهرة بيدها وهى تقول معترضة
مش مراته .. دى خطيبته بس
أبتسمت أم فارس وهى تقول
لاء مدام كتب كتابه عليها تبقى مراته
عادت للمطبخ ثانية تكمل ما بدأته من طعام الغذاء بينما وضعت مهرة الطفلين على الأريكة وأخذت تلاعبهما وتضاحكهما ببعض الألعاب ثم وضعتهما على الأرض يمرحان بألعابهما ووقفت تنظر لغرفة فارس التى اعتادت الدخول إليها يوميا منذ أن كانت مجرد طفلة وقفت وسط الغرفة تتأمل المكان حولها وكأنها تدخل لأول مرة وفعلت كما تفعل يوميا جلست خلف مكتبه الصغير وفتحت أحد أدراجه وأخرجت بعض من صورها الذى التقطت لها وهى صغيرة ومازال فارس محتفظا بها فى درج ذكرياته كما يسميه تأملت صورها قليلا وهى تبتسم تارة لصورتها بشعرها الأشعث المتناثر