قصه كامله مشوقه
في مطعم أنيق.. عائدين بعدها يحملون معهم ما جلبوه..صعدوا لشقتهم التي تعلوا شقة والدته بطابقان.
أثناء صعودهم وثرثرة البنات المازحة حولهما تخدش سكون البناية ظهرت والدته أمامهم مشرعة بابها تدور في وجوه الجميع.. لم يغيب عن ناظريها ولدها وزوجته وفرحته هو وصغاره التي خبؤ بريقها قليلا وهم يطالعوها..كما لاحظت بريق أخر لإسوارة تحوط معصمها.. يبدو أن ولدها حاول بكل الطرق إرضاء زوجته لتعود إليه..
_ أنا
عاملة رز بلبن حلو أوي.. تعالوا دوقوه هيعجبكم
نكس رأسه بحزن لا يعرف ماذا يفعل يود تلبية دعوتها لكن يهاب ردة فعل صغاره وزوجته أن يرفضوا بفظاظة.. لن يتحمل هذا..هم بقول شيء ما يلطف الأجواء فقاطعه مبادرة أبرار بقولها
بينما صاحت الأخيرة وهي ترفع كف والدتها
شوفتي يا تيتة بابا جاب لماما ايه وجاب لكل واحدة فينا حلق دهب كمان.. شوفتيهم
واستعرضت الصغيرة أذنيها للجدة ببراءة لا تشوبها خبث.. فتبادل أبويهما النظرات ثم غمغم يونس وهو يربت علي كتف والدته كي لا يخذلها تسلم ايدك يا ماما زي ما بنتي قالت أتعشينا بره.. بكره الصبح هنزل
رغم كل ما حدث يرفق بها ويبرها وېخاف ڠضبها ويراعي مشاعرها.. كل مرة يعاملها بهذا الفيض من الحنان والرفق تتقزم في مرآة ذاتها أكثر وأكثر وتشعر بالندم..ليته كان فظا غليظ القلب..ما كانت أحست بهذا التحقير داخلها أطرقت رأسها تهتف باستسلام من فقد حقوق الطاعة
زي مابتحبو يا ابني.
سماع هتافها جعل عيناه تجحظ وهو يرمق زوجته بدهشة بعد ما قالته بينما تطالعها والدته بذهول مماثل غير متوقعة أن تسمع صوتها فضلا عن أن تقبل
تناول شيء من يدها..
_ خلاص وأنا كمان هاكل مع مامتي..
قالتها الصغيرة حفصة وهي تتعلق بكف والدتها.. ليتعاظم شعور الجدة بالدناءة والخسة أمام نفسها بقوة..تذكرت ما فعلته كأنها كانت أخرى..نفضت عنها تخبطها وتمسكت بأذيال الفرصة وهي تصيح بحفاوة حقيقة تلك المرة طب يلا ادخلو يا حبايبي وانا هجيب أطباق للكل..
_ عيب يا رهف سيبي اختك براحتها..
ڼهرتها رضوي ويونس لموقفها المشرف لأنها لم تكسر خاطر والدته ورفقت بها..منحته نظرة متفهمة تلقفها بحب وشكر كأنه يعدها أن يكافئها بالكثير فابتسمت له لتأتي الأخرى حاملة أطباق حلواها بحماس غير مصدقة أنهم الآن بين جدران منزلها..
لم تستطع الصمود تلك المرة جرفها تيار مشاعرها المذنبة لعاصفة بكاء بدأت بسحابة دموعها تكثفت بين مقلتاها وأنهمرت سريعا
_مالك ياتيتة
_طب خلاص ماتبكيش هناكل الرز بلبن..
_ وانا كمان بس ماتزعليش
الأولي من
حفصة والثانية قالتها رهف أما الثالثة من أبرار ليعلوا صوت نحيب الجدة يونس .. ثم نظر لأكبر صغاره قائلا حبيبتي خدي المفتاح من ماما واطلعي فوق مع اخواتك..
حفصة لا أنا عايزة افضل مع تيتة يا بابا..
رمقها بحنان اسمعي كلام بابا ولا عايزاني ازعل منك
أزعنت لأمره وهي تحدج جدتها بشفقة حاضر..
..
لم يعد غير ثلاثتهم بعد صعود الصغار.. فأجلسها فوق أريكة قريبا
ظلت كتل تهتز بكاء منكسة رأسها لا تقدر علي النظر إليه.. فرفع وجهها عنوة لتبصره ثم قال يا ماما مهما حصل انتي امي وحبيبتي ورضاكي ودعاكي أهم حاجة عندي.. خلاص اللي حصل حصل أنا مش زعلان منك.. ثم نظر لزوجته مرسلا بنظراته رجاء خفي وقال ورضوي كمان مش زعلانة منك..
رمقته الأخيرة بغموض طال معه صمتها قبل أن تقول لأ زعلانة..
سقط قلبه بين ضلوعه وشحبت ملامحه.. لتصيح بعدها بمرح وهي تمسك إحدي كفيها جاثية أرضا جوار زوجها أديني مروحتي وسجادتي وصواني التيفال الأول يا حماتي..
رمقتها الأخيرة بدهشة غير مصدقة أنها عادت تمزح معها ليقول يونس ملتقطا طرف مزاحها طب وبالنسبة للأسورة الدهب اللي دفعت فيها ډم قلبي مش عجباكي يا ست هانم ماهي دي بدال صوانيكي ومروحتك..
نقلت بصرها بينهما وجبل ذنبها يزداد ارتفاعا وثقلا لتقول بصوت مبحوح من البكاء سامحوني يا ولاد حقكم عليا.. أنا ظلمتك انت ومراتك يا يونس.. جيت عليك وكنت أنانية.. أكلت شقاك لاخوك زي ما قلت..ومش عيب وانا في عمري ده لما اقول انكم علمتوني درس مش هنساه.. لو حد تاني غيركم ما كانش بص في وشي تاني.. لكن انتم فيكم الخير.. سامحوني يا ولاد
سامحوني..
ثم ابتعدت وغابت عنهم لحظات وعادت تحمل بيدها مغلف ورقي وقالت خد يا بني فلوسك اهي رجعتلك..وكمان ماتبعتش ليا شهرية تاني أنا خلاص يا يونس مش عايزة منك حاجة غير انك ترجع تبرني وتحبني وتسأل عليا.. خلي فلوسك لمراتك وبناتك وانا معاش ابوك هيكفيني ويكفي علاجي ماتشلش هم..وأخوك وائل من هنا ورايح هخليه يعتمد علي نفسه.. محدش فينا هيطمع فيك تاني أوعدك..
تمزق نياط قلبه لكسرتها.
لا عاش ولا كان لو جعلها تظن انه لن يتكفل بها ثانيا.. إياكي تقولي كده تاني يا أمي وطول ما في عمري..حياتي ليكي وقرشي كله ليكي وقبل ما ابعت لمراتي وبناتي هبعتلك قبلهم..
دمعت عين رضوى
وتأثرت بحديثهما ورغم ڠضبها السابق من طيبة زوجها.. الآن شعرت بالفخر به وهو يغرق والدته ببره وحنانه.. ربتت علي ظهره وقالت وانا معاك في كل كلمة يا يونس.. حماتي قبلنا..
نظرت لها الحماه ومازالت تصدمها الدهشة من تسامح زوجة أبنها وفعلت أخيرا ما تمنته كثيرا منذ ما حدث..عانقت رضوي بقوة وهي تملس علي رأسها قائلة سامحيني يابنتي أنا ظلمتك وجيت عليكي وحرمتك من خير جوزك وكنت مفترية وقاسېة حقك علي راسي يا بنت الأصول..
_ خلاص يا حماتي مسمحاكي ونسيت كل حاجة.. خلينا نفتح صفحة جديدة مع بعض..
وقالت طب ارجعي قوليلي
يا طنط أو ماما زي الأول وبلاش حماتي دي..أنا بحس
ان الكلمة دي
تجمدت حدقتي رضوى ويونس لحظات ثم اڼفجرا مقهقهين بقوة لدعابتها العفوية وقالت الأولى مازحة بصي هي مش شتيمة بس دايما كنت بقولها بغيظ دفين كده وانا شايطة منك يا .
ترقبت هي ويونس قولها لتواصل بطيب نفس يا ماما..
_ لا كده مش قادر استني اما نطلع بيتنا ويتقفل علينا باب..
قالها وهو يجذب زوجته اياها بقوة جعلتها تخجل وهي تلومه يونس في ايه اعقل..
ضحكت والدته صائحة لا كده اطلعوا شقتكم بلاش فضايح..
_ والله يا ماما نفس رأيي بالظبط..
ثم نهض وساعد زوجته لتنهض معه الصبح هننزل كلنا نفطر معاكي يا ست الكل..
منحته نظرة والرضا وهي تقول مستنياكم من دلوقت يا غالي.. يلا خد مراتك واطلع ربنا يهدي سرك ويريح قلبك زي ما ريحت قلبي..
ثم اصطحب زوجته صاعدين للصغار.
_____________
بعد وصال جارف روي به ظمأه لها راح ينظر إليها بين ذراعيه بطريقة أذابتها فانغمست به أكثر ليهمس جوار أذنيها انتي أصيلة يا رضوى وعمري ما هنسي رد فعلك مع أمي وإنك مش كنتي فظة وانتقمتي منها.. شكرا انك راعيتي سنها ومكانتها عندي ومشيتي المركب.. وحقك عليا مليون مرة علي اللي حصل منها واوعدك ده مش هيتكرر تاني..مش أمي بس اللي اتعلمت الدرس.. أنا كمان فهمت الفرق بين اني اكون طيب ومطيع لدرجة العمى.. واني اسيب حد يستغلني حتى لو أقرب الناس..مش هخلط تاني الأمور واسيبكم تحت رحمة حد حتى لو كانت امي.. محدش بعد كده هيعرف عننا حاجة..
تنهدت مغمغمة كلنا بنغلط يا يونس.. المهم اننا نتراجع ونصلح غلطنا قبل فوات الآوان..ثم رفعت أنا عمري ما همنعك تأدي واجبك ناحية أمك واخواتك ولا اخليك تقسى عليهم.. كل اللي طالباه ميزان عدل مايظلمش حد فينا..يعني ولا تظلمنا عشان أهلك.. ولا تظلم أهلك علشانا.. وفي نفس الوقت كل واحد يعرف حقوقه.. تساعد
اخواتك ماشي.. بس بدون ما حد يستغلك ويستحل شقاك اللي بناتك أولي بيه لأنهم مالهمش غيرك.. أمانتك اللي هتتسئل عنها
يوم القيامة..
قال وهتسأل عليكي انتي كمان يا رضوى..عشان كده بقولك سامحيني لأن ضميري تاعبني..
ابتسمت مع قولها الحاني شكلك ماتعرفش معزتك عندي يا ابو أبرار.. ده انت الحتة اللي في الشمال ياجدع..
قهقة وقال وغلاوتك لاشتريلك أغلي سجادة تعجبك وتشاوري عليها..وطقم تيفال كامل..
__________
_ يونس.. عامل ايه يا اخويا
رمقه بنظرة ذات مغزي وقال الحمد لله يا حسان بخير..
_ طب مش ناوي تجيب مراتك والبنات وتتغدي عندي يوم قبل ما تسافر تاني.
صمت برهة ثم قال باقتضاب خليها للظروف..
وهم بالسير بعيدا ليوقفه شقيقه استني عايز اكلمك.. ظل يونس يواليه ظهره صامتا فاستطرد الأخر أنا ماكنتش اعرف ايه اللي بيحصل بين مراتك وامي..انت عارف اني بخلص شغلي اخر الليل وباكل لقمة مع العيال وبنام للصبح..ولما لاحظت شوية توتر بينهم سألت مراتي قالتلي ان رضوى اتخانقت معاها عشان الحاجات اللي اتاخدت من شقتها بدون علمها.. قلت في بالي انك عارف وهتحل الموضوع بينهم وسكت.. لو اعرف إن .
_إن ايه كمل يا حسان.. أنت في نفس البيت عايز تقولي ولا مرة حاولت تسأل علي بنات اخوك ومراته تطمن بنفسك كنت مستني صدفة تجمعك بيهم عشان تفهم اللي حاصل ولا كنت شايف وقلت وانا مالي اهم حريم و يصطفلوا..
اهتزت حدقتي حسان بتوتر فقال يونس أنت اخويا وعارف طبعك.. طول عمرك تحب تبقي مع نفسك ومالكش دعوة بحد.. بس يعز عليا يا اخويا ان بناتي ومراتي يحصل فيهم كده وانت معاهم بيتقفل عليكم باب عمارة واحدة.. كنت فاكر لما اسيبهم هنا هيكونوا في حمايتك.. كنت فاكرك عيني وسطيهم وقت الجد هتسد مكاني.. بس كل واحد فيكم اتعود يفكر في نفسه وبس.. اتعودتم تاخدوا وماتدوش..
تنهد بأسي مستأنفا على كل حال اللي حصل مش هيتكرر.. أنا هاخد مراتي وبناتي معايا تاني وأنا مسافر مش هسيبهم.. مش مهم اعمل قرش للزمن زي ما كنت عايز.. وجودهم معايا بالدنيا وما فيها.. مادام ماليش هنا ضهر اتسند عليه يبقي خلاص.. واهي تجربة وعدت واتعلمنا..
_ يونس..
أوقفه ثانيا ليواجهه حقك عليا يا اخويا أنت طول عمرك كبيرنا وفي مقام ابونا رغم ان
العمر مش كتير ..أنا فعلا كبرت دماغي وعملت نفسي مش فاهم وقلت امي تتصرف زي
ما هي عايزة واكيد انت عارف وموافق..بس كان لازم اهتم واراعيهم واسد اللي امي قصرت