قصه مشوقه
تدافع عنه فرغم حب فريد لها و
هدوءه معها طوال الاشهر الماضية إلا أنها
لم تكن تستبعد ابدا ان يعود كما كان في
الأول قبل أن يقع في حبها...لقد جربت
غضبه مرة و لا تريد إعادة الكرة مرة أخرى
حب رجال عائلة عزالدين غريب جدا فإذا
عشق أحد منهم إمرأة فهو يرفعها عاليا
نحو سابع سماء لكن إذا عاندته فلن يفكر
تحدثت بصوت مهزوز و هي تمسك بيده
لتضعها نحو بطنها بينما لمعت عيناها بدموع
محپوسة داخل مقلتيها
حبيبي عشان خاطري متعملش فيا كده
داه إبننا...
تنفست بسرعة مواصلة حديثها و كأن الجملة التي
تفكر فيها صعبة للغاية حتى تنطق بها..
إنت عاوز تقتله...
بطنها بلمسات قوية هاتفا بصمود أمام
نظراتها الضعيفة..
مش احسن ما يقتلك .
دفعت أروى يده عنها بينما تراجعت
بخطواتها إلى الخلف... لا تصدق انها تجري
هذا الحوار معه لكنها رغم ذالك واصلت
إقناعه
إنت إزاي بتفكر كده..إنت معندكش إيمان
بقضاء ربنا و قدره...انا ممكن أموت في اللحظة
خاطري يا فريد متعملش فيا كده أنا ممكن
اموت لو أجبرتني إني أنزله...
شهقت بانفعال بعد أن عجزت عن كبح
دموعها التي إنهمرت بغزارة مغرقة
وجهها
البريئ الذي يشبه خاصة الأطفال...لتسقط
حصون فريد في تلك اللحظة بعد أن ظل
متشبثا بصموده فترة طويلة...ليقترب منها
بكلمات الاستغفار فهو في قرارة نفسه يعلم
انه مخطئ في قراره....و غير مقتنع بما يتفوه
به بل يعتبر حراما و ضړبا من الجنون لكن ماباليد
حيلة فما مر به لم يكن سهلا بل سبب له عقدة
نفسية لم يستطع تجاوزها حتى بعد عدة
جلسات من العلاج عند أحد الأطباء النفسيين
الذين لجأ إليهم بسبب تلك الكوابيس التي
طويلة و هو يعاني من عڈاب الضمير و الندم
يلوم نفسه على مۏت ليلى فلو أنه منعها من
الحمل وإنجاب لجين لما فقدها و هاهو من
جديد يوضع في نفس الخيار و شعور العجز
يقيده مرة أخرى....أخطأ مرة و من المستحيل
أن يكرر ذلك الآن.
توقفت أروى عن البكاء بعد أن احست بهدوءه
يشعر به ليس سوى ردة فعل بسبب تفاجئه
بخبر حملها الذي لم يكن متوقعا...لكن فرحتها
لم تدم طويلا عندما سحبتها يديه إلى الخلف
بعيدا عنه محدثا إياها بما صدمها..
لو عاوزة تحتفظي بيه إنت حرة...بس ساعتها
كل واحد فينا يروح لحاله .
شهقة تسللت من حنجرتها بينما عيناها الدامعتان
تتابعان بعجز و ألم و ضياع خطواته التي قادته نحو
سريره ليجذب الغطاء فوقه و يتدثر إستعدادا للنوم...
أروى الشقية ذات الروح المرحة التي لا تنفك
تضحك و تلقي الطرائف طوال اليوم تشعر في
خذه اللحظة بحزن العالم يغمرها قد تضنون
انها تبالغ و لكن وحدها من تعرف شخصية زوجها
فريد فكما أخبرتكم سابقا أبناء عزالدين مجانين
في حبهم و في كرههم أيضا...
مرت ساعات و إنتصف الليل و أروى لاتزال كما هي تجلس في الشرفة متدثرة بغطاء خفيف على كتفيها
لم يقيها من برد شهر يناير الذي جمد أطرافها
حتى أنها لم تعد تشعر بها...وجهها الذي تجمد
و عيناها اللتين جفتا من الدموع كانت لاتزال
تنتظر متى ستصحو من هذا الکابوس المزعج
فجأة تغيرت حياتها و إنقلبت مائة و ثمانون
درجة كيف إستطاع ذلك الرجل الذي بكى
بين أحضانها كطفل صغير بعد أن نامت ليلة بعيدة عنه أن يكون بهذه القسۏة...أين ستذهب إذا
قررت الاحتفاظ بجنينها فعلاقتها بعائلتها
شبه منقطعة منذ زواجها و والدتها لن تقبل
عودتها مجددا كم كانت غبية و ساذجة عندما
صدقت أن سماء حياتها ستصفو اخيرا و غيوم
الحزن ستنجلي كما يحصل دائما في نهاية الروايات
التي كانت تقرأها... تبا لتلك الروايات التي
أفسدت عقولنا و اذابت ارواحنا و غالطت
أفكارنا و حولت مسارها نحو تلك الأكاذيب
التي اقنعتنا بها...لا وجود لسعادة دائمة
و يبدو أن ايام هناءها قد إنتهت هنا...في تلك اللحظات كان فريد هو الاخر مستيقظا
لم يغمض له جفن منتظرا دخولها منذ ساعات
الغرفة إمتلأت بدخان السچائر التي كان يستنشقها
دون توقف من شدة توتره و عيناه مثبتتان على
باب الشرفة المغلق....
الزجاجية ناقلا بصره
نحو الجهة الفارغة بجانبه من الفراش...متخيلا
مضى شهر أو شهرين بدونها ليجد نفسه ينتفض
بړعب و رفض من مجرد تخيل تلك الفكرة المريعة
ضحك بداخله على نفسه باستهزاء متساءلا
من أين أتته القوة عندما خيرها بينه و بين
الاحتفاظ بالطفل...
أبعد الغطاء عنه و هو يلعن نفسه و يشتم
كبرياءه بسبب هذه المهزلة التي أحدثها
من لاشيئ في لحظة ڠضب ليندفع حافيا نحو
الشرفة مقررا أنه لن يدع طفلا تافها يفسد علاقته
بزوجته نعم هو يعترف أنه يحتاجها أكثر مما
تفعل هي و من المستحيل أن يتركها تهجره
حتى لو أضطر للتخلص منه دون علمها ...ركع على ركبتيه أمامها باسطا يديه
على كفيها المتجمدتين...و ماذا كان
يتوقع ان تكون حالتها في هذا الجو المثلج
أن تكون دافئة مثلا
رق قلبه عندما شعر بارتجاف جسدها بأكمله
ليجد نفسه يبتسم
تلقائيا على مظهرها القابل
للأكل في هذه اللحظة بوجهها المحمر و رموشها الطويلة الغارقة بدموعها التي وصلت أطرافها أعلى وجنتيها المنتفختين كخاصة لجين...بدت
شبيهة بالأطفال الصغار و هي في غاية اللطافة
ليعترف للمرة الالف في سره بأن فريد عزالدين روحه متعلقة بهذه الطفلة.....
تحدث بهدوء و هو لايزال يتفرس ملامحها
الجامدة..
الجو سقعة و كده هتمرضي... إنت بقالك
ساعات قاعدة هنا .
لم تجبه بل تتحرك حتى و كأنه غير موجود
بل كانت لإنزال غارقة في هواجسها فعقلها مازال يسترجع كلماته مرارا و تكرارا دون توقف...
و كأنه يذكرها كيف تخلى عنها بكل سهولة
و بدون أن يرف له جفن لدرجة أنها بدأت
تشك من أنه كان ينتظر سببا ليتخلص منها
و يخرجها من حياته..و حكاية خوفه عليها
ليس سوى حجة تافهة إعتمدها لتحقيق
غايته...ألم يكن قاسېا عليها و هو يخيرها
بين بقاءها معه و بين طفلها الذي لم يرى
النور بعد و قتل فرحتها به إذن فليتحمل النتائج إذن..لن ترحمه
و سوف تأول كل كلامه و ظنونه إلى الأسوأ معه
حق و لن تلومه فهو قد
تعود على أروى المرحة المسامحة التي لم
تغضب منه يوما رغم كل ما فعله معها... أروى
الضعيفة التي لا مكان تلجأ إليه إذا طردها من
منزله...
طردت هواجسها جانبا مقررة هذه المرة
التمسك بكرامتها عكس ما حصل قبل
عدة أشهر عندما أجبرت على الزواج منه.....
لن تفكر في العواقب حتى لو وجدت نفسها
في الشارع لن تهتم...نفضت يده و هي
ترمقه بنظرات لم يعهدها منها من قبل
كانت مزيجا من العتاب و الڠضب و التمرد
لتتكلم أخيرا و قد إنطفأت تلك اللمعة المميزة في عينيها..
أنا خلاص فكرت... و قررت...
توقفت قليلا و هي تخفض نظرها نحو
خاتمها الماسي الذي كان يزين إصبعها
الرقيق..حركته بأناملها قليلا قبل أن
تنزعه پعنف مواصلة حديثها..
مش هتخلى عن إبني مهما حصل....
الفصل الثالث عشر
علمت سيلين في تلك اللحظة أن سيف
كان في طور الدخول في إحدى نوبات غضبه
لذلك يجب عليها التصرف في الحال...إما أن
تتحمل ما قد يصدر منه من عڼف حتى تهدأه
و إما أن تنسحب الان و تعود في وقت
آخر عندما يعود لطبيعته....فكرت ان الحل الثاني
سيكون أفضل خاصة أن سيف كان أشبه
بليث هائج رفض حتى أن يستمع لها بل إستمر
في دفعها إلى خارج جناحه بكل قسۏة و عڼف...
قلبها كان ينبض پعنف داخل قفصها الصدري
و لم تستطع تمالك نفسها لټنفجر باكية من
فرط شعورها بالخزي و الإذلال و هو يطردها
من جناحه و كأنها حشرة قڈرة...دفعها لتسقط
على الأرض ثم أغلق الباب وراءه.
ظلت سيلين مرمية على الأرض لدقائق طويلة تنظر
إلى الباب الموصد بعيون دامعة تنظر متى
سيفتح من جديد و يطل سيفها ليأخذها
بين أحضانه كما يفعل دائما...إحساسها الان
كان يشبه ذلك الذي راودها منذ أشهر قليلة
يوم وصولها إلى مصر.
كانت وحيدة ضائعة بلا سند تنتظر المجهول
حتى إلتقت به ليعوضها عن كل شيئ ليصبح
بمثابة الاب و الأخ و الحبيب و الزوج...رغم
نوبات جنونه التي تصيبه من حين إلى آخر
بسبب غيرته التي لم تجد لها حلا رغم محاولاتها
الكثيرة إلا أنها لم تحرز أي تقدم...
كان يمنحها كل شيئ بلا حدود الحب الأمان
الحنان و كذلك الهدايا و الأموال.. لكن المقابل
كان يفوق قدرتها الضئيلة فهو بطبعه الاناني
كان يريدها لوحده دون أي شريك حتى والدتها
يجن جنونه و يقيم الدنيا إذا إبتسمت في وجهها
حتى...لا تنكر أن غيرته عليها و إحتياجه الدائم
لها أرضى غرورها الانثوي فكل إمرأة تريد
أن ترى الاهتمام في عيون من تحب لكن كما
يقال إذا فاق الشيئ عن الحد إنقلب إلى الضد
و هذا تماما ما حصل في علاقتهما.
الغيرة المفرطة و الهوس الذي يعاني منهما
سيف شكلا عائقا أمام تقدم علاقته مع سيلين
وهي كانت مدركة جيدا لذلك و سعت
كثيرا لإيجاد حلول حتى تخفف من مرضه
لكنها كلما ظنت انها نجحت يحصل شيئ ما
يعيدها إلى نقطة الصفر... سفرتهما إلى
تلك الجزيرة كانت أروع من الخيال رغم وجود
تلك الأسود المزعجة لكن ما رأته من سيف جعلها
مستعدة لتفديه بحياتها لو تطلب الامر...حبه
تسلل رغما عنها داخل قلبها حتى ملأه
تمنت فقط لو أن كان يثق فيها و لو قليلا
كل شيئ كان ليتغير.
حركت قدميها بصعوبة لتقف مستندة على
الجدار بعد أن فقدت الأمل من عودته
لابد أنه غاضب الآن لكن لا بأس سوف يهدأ
و يعود إليها ليعتذر لها كما يفعل دائما.
مررت كفيها على وجنتيها لتمسح دموعها
ثم رتبت ملابسها و هي تسير بإتجاه الدرج
مقررة الخروج الحديقة عل الهواء النقي يحسن
قليلا من نفسيتها...تمنت أن لا تجد والدتها
أمامها حتى لا تسألها لأنها سوف تكتشف
ما حصل و هي طبعا لا تريد أن تحزنها
اكثر...إلتفتت بجسدها لتلقي نظرة اخيرة على الباب و هي تتوعده بداخلها أنها لن تسامحه بسهولة
لن تضعف أمامه هذه المرة و لن تتأثر
بكلامه المعسول و عيناه الساحرتان و لا بإبتسامته
التي تفعل بها الافاعيل...كانت تحدث نفسها
و تتخيله و هو يعتذر لها و لم تنتبه أنها كانت
تتراجع إلى الخلف حتى شعرت فجأة بفراغ الدرج
تحت قدمها...صړخت بأعلى صوتها منادية
باسم سيف بينما
إمتدت يداها لا إراديا محاولة الإمساك بالدرابزون
لتنقذ نفسها بعد أن أيقنت أنها على وشك السقوط
من الدرج... لكن و لسوء حظها كان الأوان قد فات....
كل ما شعرت به بعدها هو ألم فظيع حتى ظنت
أن ظهرها قد إنقسم إلى نصفين بعد أن إرتطم
بإحدى درجات السلم في الأسفل ثم
تزحزح ليستقر بآخر درجة من النصف الأول
من السلم...مصطدما بالحائط وراءها
...دموعها سالت بصمت مختلطة قبل أن يتلقفها الظلام معلنا عن إنتهاء مقاومتها....
داخل الجناح كان سيف يقف أمام المرآة
يتأمل ملامحه وجهه الذي إسود فجأة و بدأت
عروق يديه و رقبته بالبروز بينما بدأ جسده
ينتفض من شدة الڠضب...نوبة أخرى من نوبات
جنونه التي لن تنتهي سوى برؤية اللون الأحمر....
و دون تفكير وجد نفسه يرفع يده اليمنى ليلكم
زجاج المرآة التي تهشمت لآلاف الاشلاء ممزقة
بشړة يده التي كساها اللون الأحمر... عندها فقط
بدأ جسده في الارتخاء و علت شفتيه إبتسامة
خفيفة بينما كان عقله يزوده بأفكار لمعاقبة
صغيرته الشقية...قد يضطر هذه المرة لحپسها
في الجناح حتى تتوقف عن الاهتمام بغيره...
نظر