قصه مشوقه
دخلت وانتظرت إسمي يتنادى عليه...
انتظرت كتير وكل ما بشوف شخص داخل قبل مني وخارج قلبي بيدق أكتر لأن دوري بيقرب فضلت على الحال ده كتير والاستغفار كان بيهون عليا لحد ما جه الوقت اللي هدخل فيه واعمل إنترڤيو...
دخلت القاعة وبصيت على كل زاوية فيها كانت كبيرة لدرجة مقدرتش اتخيلها تقريبا عمري ما شوفت مكان اوسع من كده انبهاري كان باين على وشي وإختفى بمجرد ما سمعت صوت الشخص اللي قاعد على المكتب وبيقولي أقعد.
ال cv بتاعك لو سمحت.
مديت ايدي ليه وفتح ال CV وبدأت أراقب ردود أفعاله مع كل صفحة بيقلبها لحد ما قفله بدأ يسألني شوية أسئلة رسمية وكنت
بجاوب بكل ثقة لحد ما وقفت عند سؤال خلاني أحس إن خلاص حلمي مش هيتحقق وكان السؤال هو
_ معاك واسطة
_ بصراحة يا فندم لا لكن معايا الأحسن منها
_ متوقع إنك هتتقبل
_ وليه لا
_ تفتكر مين غير ربنا
_ كلامك ده سمعته كتير قبل كده وللأسف مينفعش هنا ربنا معانا كلنا لكن دي قواعد وقوانين شغل لازم تتنفذ.
_ ملفي أكبر وأعظم واسطة بعد ربنا يخليني أتقبل في أي وظيفة قولي انهي قانون نص على إن المواطن المصري لازم يكون معاه واسطة عشان يتقبل في وظيفه في بلده
_ بتطردني عشان بتكلم جد وده الصح
قاطع كلامي الملف بتاعي وهو طاير في وشي وكل ورقة فيه وقعت قدام عيوني نزلت على ركبتي ولمېت ورقة ورقة واخدت الباقي من كرامتي والملف في إيدي وخرجت برا المبنى خالص...
شعوري في اللحظة دي مش قادر اوصفه اتمشيت كتير جدا ومحسيتش بۏجع رجلي لحد ما لقيت نفسي قصاد البحر قعدت على صخرة كبيرة وبصيت للموج وهو بيضرب في بعضه ونزلت دموعي ڠصب عني حلمي راح وحلم أبويا راح تعب سنين عيشت ادرس فيها عشان الحظة دي بقى في الأرض هي دي مصر!!
كان فيه زمان جار ليا في بيتي القديم مچنون لبسه مبهدل ريحته وريحة الأوضة اللي قاعد فيها لا تطاق بيخرج ياكل من الشارع ويرجع يشرب حجر معسل وينام ويصحى تاني يوم يكرر نفس يومه والأطفال كانت بتستقبله بأسوء الألفاظ والمعاني اللي بتتقال لأي شخص مچنون...
وفي يوم من الأيام كنت قاعد في بيت جدي وهو جاي يشتري معسل كعادته رجعت كام خطوة لورا لما لقيته دخل عليا في المكان اللي واقف فيه وقالي تعالى وقتها مش عارف أنا قربت منه ازاي ووقفت قصاده رفع إيده اللي مليانه تراب وغير نضيفة بالمرة وقالي
_ أنت في سنه كام
_ في سته إبتدائي ليه
_ بتعرف تقرأ
_ أكيد ده انا شاطر في المدرسة.
مد ايده فوق الشباك اللي قصاده وجاب منها كتب وأوراق وقالي
_ أنا كمان بعرف اقرأ إسمع.
بصيت ليه وأنا مذهول وقولت
_ أنت بتعرف تقرأ إزاي
_ وبقرأ انجليزي وفرنساوي كمان.
كنت مصډوم ومش مصدق كلامه لحد ما قرألي فعلا كلام مفهمتوش لأن بالفرنساوي وبعدين مشي قعدت مكاني استوعب اللي حصل وكل يوم بيعدي ومش قادر انسى اللي شوفته لحد ما سألت بابا عنه وقالي أنه كان متفوق في دراسته وكل سنه بيطلع من الاوائل لكن بسبب ان حلمه اتدمر وموصلش ليه اټجنن...
كنت أوقات بحس أنه بيمثل أنه مچنون أصل إزاي شخص مچنون هيعرف يقرأ اللغات دي لحد ما صحيت في يوم على خبر ترحيله لمستشفى العباسية للصحة النفسية...
كبرت ودخلت ثانوي وبدأت اذاكر لحد ماجه أول يوم العيد كنت واقف مع زمايلي قصاد بيتي ولمحته خارج من الشارع بتاعي استغربت أنه لسة عايش لكن انبسطت ملامحه كبرت
وشكله أصبح مقبول عن الأول لكن ضهره محڼي لقدام دايما وهو ماشي جه وقف قصاد مني وسلم عليا وقال
_ ازيك انت ابن مين
سلمت عليه وضحكت ليه وعرفته أنا اسمي ايه وابن مين وكان رده عليا هو
كبرت وبقيت عريس ضحكت معاه وعرفت انه خلص مدة علاجه وعايش مع أخته حياته انتهت بمجرد ما حلمه اتدمر شبابه راح وهو بيداوي تعبه اللي اتسبب فيه موظف زي الموظف اللي طردني النهاردة اصبح شخص متعلم ومثقف لكنه تعبان وعاطل وأصبح قعيد ومسن في بلده اللي بتدعم الأغراب...
فاكر يوم ماكنت بجهز شنطتي عشان ابعد عن بلدي واروح لبلد بعيدة اعيش فيها لأن كليتي غربتني وأنا ماشي لقيته واقف قصاد بيتي وبيسلم عليا وقالي
_ إياك واليأس طول مانت جواك الحلم فهتقدر تعيش عشان تحققه متستسلمش للفشل زيي متخليش نفسيتك تتأثر بحاجة نفسك فيها
ومقدرتش توصل لها اعتبرها مش مكتوبالك ودور على حاجة مناسبة ليك غيرها...
مش شرط تشتغل بشهادتك المهم إنك تثبت نفسك في أي حاجة في حياتك افتكر دايما ان وزير الصحة
مش دكتور د هالة زايد مش دكتورة كلها بتكون مسميات مش اكتر اهم حاجة إنك تثبت نفسك في أي حاجة تدخلها...
يعني أنا مثلا قعدت أذاكر وجيبت 89 في ثانوي وذاكرت 7 سنين في كلية هندسة عشان أبقى بياع على عربية ايس كريم وبقى ليا محل كبير ومعروف...
خرجني من ذكرياتي نفس الشخص اللي كان موصلني الصبح بصيت ليه بإستغراب وقولتله
_ انت بتعمل ايه هنا
_ باجي كل يوم ليا محل ورد هنا تحب احكيلك باقي القصة اللي قولتهالك الصبح
بصيت لمحل الورد اللي شاور عليه واتسغربت لأن ده تقريبا اشهر محل ورد وكل الناس بتتكلم عنه بصيت ليه بإنبهار وقولت
_ بالنهار سواق وبالليل بتوقف في محل الورد !
_ قدرت اثبت نفسي وعملت مشورع على قدي ونجح.
_ بالمناسبة أنا عرفت تكملة القصة اللي حكيتهالي الصبح.
_ عارف.
_ إزاي عرفت
_ لأن من ٢٥ سنه أنا كنت قاعد نفس قاعدتك دي ومن القاعدة هنا جتلي فكرة محل الورد اللي هناك ده.
_ انت جيتلي منين
_ يبني دي دنيا ودايرة وفيه مليون واحد زيينا المهم إنك متستسلمش لأن معاد نجاحك لسه ماجاش لكن أنت مش فاشل.
_ مقولتليش إيه الدرس اللي علمته ليهم لما قبلوك في الوظيفه
_ والدي كان ليه معارف كبيرة لواءات وغيرهم كلم حد منهم وتاني يوم كان في رقم بيرن عليا وقالي الموظف إياه مستنيك بكرا واخدت الميعاد وروحت...
استقبلني أحسن استقبال وطلب ليا قهوة مانا تبع شخص مهم بقى خلص معايا أسئلة واعتذر عن طريقته اللي كلمني بيها قبل كده فأخدت الملف من نفسي وقولتله مستحيل اقبل اشتغل في مكان فيه واحد زيك ولا أقبل في يوم اقعد مكانك واضطر اقول لشاب طموح الكلام اللي قولتله ليا تحت بند ان دي شروط الشغل عامل النظافة اللي في الشارع يمتلك اخلاق عنك...
وقبل ما ينطق كنت خرجت من المكان كله ومقدرش يعملي حاجة رغم إن هزقته في مكان شغله لكنه مقدرش يتكلم بسبب الواسطة اللي طلبها مني ليإذيه وهو ميعرفش ان الواسطة اللي جتله دي من شخص أنا معرفش هو عايش ولا مېت اصلا.
قومت وبصيت للسما وانا بحمد ربنا أنه دايما بيوقف جانبي اللي افتكرته لجاري اللي كان مچنون زمان وحكاية بياع الورد اثبتولي ان النجاح عمره مكان مرهون بطريق واحد.
_ ل ندى ناصر.
_ استني عندك انتي رايحه فين
وقفت استوعب نظراته اللي جابتني من فوق لتحت وبعدين اتكلمت
_ داخلة.
_ جاية هنا تعملي ايه ان شاء الله جاية تبيعي ترمس
_ احترم نفسك ياجدع انت بدل ما اقلع اللي في رجلي واطرقعلك بيه على وشك وسع كده خليني أدخل.
بعدت من قدامه ودخلت الشركة انا ماكنتش عاوزة اقوله كلامي ده لكن هو اللي جابه لنفسه يعني إيه يعني جاية هنا أعمل إيه قاطع كلامي مع نفسي نفس الشخص الغتت
_ بقولك إيه أنت مش هتعدي النهاردة على خير أنا عارفة هتبعد عني ولا اوريك حاجة عمرها ما هتعجبك
_ انتي شايفة نفسك على إيه يابت إنتي وبعدين مين سمحلك تدخلي هنا بلبسك ده وايه اللي انتي لابساه ده بجد هتخرجي بالذوق ولا انادي ليكي الأمن يطردوكي.
كان صوت بنت واقفة بصيت ليها من فوق لتحت ومشيت من غير ما أرد عليها لحد ما وصلت مكتب المدير زقيت الباب ودخلت وأنا في كامل عصبيتي وكانت نفس البنت ورايا لكن المرة دي داخلة بتزعق.
_ في إيه ومين دي.
_ يا فندم دي واحدة مچنونة من أول ما دخلت الشركه وهي عاملة قلق ودوشة الأمن حاولوا يمنعوها تدخل لكنها دخلت بالقوة.
_ طب اتفضلي على مكتبك أما انتي بقى قوليلي انتي مين وعاوزة ايه
_ أنا ورد.
_ ورد!
_ الشركة كانت عاملة إعلان انهم محتاجين طلاب تدرب براتب شهري وأنا جيت على
أساس الإعلان ده.
_ للأسف اكتفينا تتعوض في فرصة تانية ان شاء الله.
وقفت استوعب قال إيه وازاي اكتفه! تقريبا انا أول بنت شافت الإعلان وأول واحدة جاية أقدم ازاي اكتفه خرجت من المكتب ومن الشركة كلها وانا مضايقة من كل اللي حصل من أول إهانة الأمن والسكرتيرة لحد ما المدير رفضني بصراحه مش قادرة افسر كل ده غير بأنه تفريق عنصري بعد وقت روحت البيت وكانت شهد قاعدة بتتفرح على التلفزيون
_ طمنيني عملتي إيه
_ إتهانت.
_ نعم
_ من اول ما دخلت الشركة ماشوفتش غير اهانه وده كله ليه عشان لابسة خمار.
_ يعني ايه مش فاهمة فين المشكلة
_ اقفلي على الموضوع ده ولو ماما سألتك عني قولي لها مراحتش وكانت في كورس أنا هدخل انام عشان عندي محاضرة بدري.
دخلت اوضتي انام وجوايا خنقة العالم بمجرد ما حطيت دماغي على المخدة عيوني دمعت للدرجة دي
إحنا في عالم ميعرفش اي شيء عن جبر الخواطر حتى لو كان استايل لبسي مش مناسب للشركة ليه يقللوا مني بالطريقة دي
_ متزعليش هتتحل ياحبيبتي فاكراني مش عارفة ولا حاسة ايه