رواية بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف
ربها إنها تبقي حاجة ومش هرضي بأي حاجة لازم أكمل للأخر علشان أوصل لأني أبقي أبقي حاجة متخجلش منها أبدا في يوم من الأيام
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة
بس أنا هتعب أووي يامريم أرجوكي ثقي فيا إني مش هتخلي عنك وسيبي لي أنا المعافرة أنا أطول منك في النفس
نظرت بعيد عن عينيه تحاول كبت عبراتها لكنها إستعادت قواها وأخفت كل مشاعرها التي تملكت منها كلماته بكل قوة وأردفت بتمني
بعد حديث طويل ونقاش دام لأكثر من ساعتين وافق رحيم علي رأيها وهو علي مضض ولكن أخذ وعد منها أن تحادثه دوما وأن ترد على مكالماته وإلا سيجن جنونه ويفعل ما لا يحمد عقباه
انقضت الليالي العجاف بالنسبة لريم والآن تجلس في حديقة منزل أبيها فلقد مر ستة أشهر كاملة علي المحاكمة
كانت بيدها مذكرات كانت تدون فيها كل مايجول بخاطرها منذ ۏفاة عزيزها
فكتبت بقلب ينفطر حزنا
الآن مر علي وفاتك عاما كاملا ذقت فيهم من المرار ألوان لقد كنت لي حبيبا عزيزا قرير العين وتركتني وحدي أعاني مر الفراق وأنا أجلد ذاتي في يومي كله حتي في غفوتي أراك ڠضبان مني أشعر بأني في ساحة معركة الفراق بالاختناق أقاتل في ساحة المعركة وحدي أنا الجيش لنفسي وأنا السيف ذاته أذاني أقرب الناس إليك وكانوا يوما من الأيام الأقرباء إلي أيضا وتعلمت منهم درسا لن أنساه طيلة حياتي وهو
كانت منغمسة في تدوينها فسمعت صوت أبيها الحنون الذي يقف بجانبها دائما يردد بحنو
الجميل اللي قاعد لوحده وشكله قلقان ومخليني مش مرتاح عشان خاطره بيعمل ايه
أنهي كلماته وهو يمسح على راسها بحنان ثم جلس بجانبها
تنهدت بثقل والم نفسي واجابته
وضع كف يداه علي كف يدها الموضوعه فوق فخذها ثم ربت عليها بحنو وأردف قائلا
طول ما إنتي حابسه نفسك بين حيطان البيت وسط دوامه الفكر إللي مبنتهيش هتفضلي كده على طول ده إنتي حتي الموبايل مبتفتحيهوش
نظرت اليه بعينين حائرتين فأكمل هو بارشاد
انتفضت كمان لدغها عقرب من حديث والدها وهتفت برفض قاطع
لا يا بابا انا عمري ما هرجع اشتغل في التصميم تاني ده كان السبب اني خلاني
خسړت جوزي ابو ولادي ودمرني ودمر حياتي كلها
اعترض على كلامها بشدة وهدر بها
ده كلام تقوليه ! هتعملي زي الجاهلين كون انكم كنتم بتتناقشوا في حاجه هو رافضها وإنتي كنت عايزاها وكون ان هو ماټ ده قدره والاتنين ما لهمش علاقه ببعض نهائي وسواء كنتوا اټخانقتوا او ما اتخانقتوش كان برده عمره هينتهي في اللحظه دي يا بنتي
حركت راسها بنفي ودموعها تنهمر بغزاره من عينيها واردفت من بين شهقاتها بنفي
انا عارفه كلام حضرتك يا
بابا وفاهماه كويس جدا لكن المره دي كان بيبص لي باستغراب وما كانش مصدق ان انا أعارضه ولما خيرني ما بين الشغل واني افضل معاه خذلته ما استحملش الخذلان مني ونفسيته اتأثرت وماټ
ضړب والدها كفا بكف وهو يردد باندهاش
لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم
يا بنتي الأعمار بيد الله وكل واحد من قبل ما يتولد بيبقى عمره على الدنيا مكتوب ايا كانت المۏتة تعددت الأسباب والمۏت واحد
ثم اخذها بين ه يهددها بحنان وتابع
فوقي لنفسك وفوقي لولادك هما محتاجينك مش هيبقى غياب ابوهم وضياعك في دوامه الحزن وكده انت يعتبر من القانطين من رحمه الله
واذا كنتي إنتي مصرة تشيلي نفسك الذنب استغفريه واذكريه الذكر بيطمن القلوب وتصدقي واعملي كل اللي في وسعك وفي كل مره هتعملي كده صدقيني هتلاقي نفسك بتخرجي من الدوامه دي واحده واحده وهتبقي بني ادمه طبيعيه جدا وهتحتسبي عند الله من الصابرين
احست بطيف من الأمل يلوح على صدرها وكأن كلامي والدها نزل بردا وسلاما على قلبها وسألته بتيهة كي تطمئن
يعني انت شايف يا بابا ان فعلا ارجع اشتغل واصمم واحقق حلمي اللي عشت عمري كله اتمناه واحلم بيه وابقى كده ما زعلتش مني باهر في تربته
ابتسم لها ثم أجابها بتاكيد
يا بنتي جوزك بقى بين ايادي الله هو ارحم بيه من عباده وما تزعليش مني الدنيا منفاته وما بتقفش على حد لازم تتعودي تقوي حالك بحالك علشان وقت الجد ما توقعيش من طولك ويكون اللي بيسندوكي كلهم وكنتي معتمده عليهم مبقوش موجودين
واسترسل وهو يشير بيده إلي ملابسها باعتراض
وبعدين انا عايزك بقى تقلعي الاسود ده مده حدادك على جوزك اربعه اشهر و 10 ايام واكتر من كده يبقى إنتي ډخلتي في الحرمانية وعملتي زي الناس الجاهلين انتي ما تعرفيش حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم ان يحد على مېت فوق ثلاث ليالي الا على امراه لزوجها اربعة اشهر وعشرا
سيدنا النبي عليه الصلاه والسلام حدد المدة كما ذكرت في القران وقال لا يحل يعني إنتي كده ډخلتي في منطقة الحرمانية من بقالك اربع شهور ومستنيكي تقلعيه منك لنفسك وترضي بحكم ربنا وقضاء وقدره وانتي مكمله زي ما
انتي
كالعاده استنكرت نصح والدها واردفت بامتناع
لا يا بابا انا عمري ما هقلع الاسود على باهر خلاص ده بقى لبسي لحد ما اموت
اتسع بؤبؤ عينيه مرددا برفض
يا بنتي هو إنتي دماغك ناشفه كده ليه إنتي ما سمعتيش حديث الشيخ الشعراوي اللي كان بيتكلم في الموضوع ده بالتحديد وفي كلامه قال سنكر علي باب الحزن بمسمار الرضا اصل الحزن لو انسكر عليك مش هيخلي لك حبيب ربنا يبارك في عمرك وعمر ولادك وعايزك من دلوقتي تقومي تفتحي تليفونك وتشوفي شغلك اللي اكيد متعطل وتضمي ولادك وتخلي بالك من نفسك ومن صحتك واعتبري اللي فات من حياتك ذكرى جميله ما تنسيهاش طول العمر وده حال الدنيا يا بنتي
انه الأب حديثه للروح طبيب وانفاسه للقلب دواء ووجهه بابتسامته للعمر اهداء
فالأب مثله كمثل النهر يمر بجانب شجرة يحييها يطعمها يسقيها الماء يستمر في الرقص فهو لا يتشبث بالشجرة تسمح الشجرة بزهورها على النهر بامتنان عميق والنهر يمضي قدما تأتي الرياح ترقص حول الشجرة وتمضي قدما والشجرة تعير عطرها للريح فإذا كبرت الإنسانية ونضجت فستكون هذه هي الطريقة للحب
بعد مرور يومان علي تلك الأحداث قررت ريم أن تخرج من صومعة الحزن وتستعين علي الذكر والاستغفار لراحة قلبها
ثم فتحت هاتفها التي كانت تستخدمه للعمل والتصميم فريم
كانت تمتلك هاتفان أحدهم خاص بعملها وتصميماتها والآخر كان للتصفح فقط
وعندما فتحته وجدت كما هائلا من الرسائل الخاصه بالمؤسسة التي تعمل معها وبدأت بتصفحهم والرد علي أغلبهم
ومن ضمن الرسائل وجدت واحدة منهم لرقم لم تعرفه وفتحتها وقرأت محتواها
السلام عليكم ورحمه الله البقاء لله وحده يامدام ريم أنا مالك الجوهري إللي حضرتك بتبعتي تصميماتك لمصنعه عرفنا باللي حصل بعد ماحاولنا الإتصال عليكي كتير وكان من الواجب إني أعزيكي
قرأت الرسالة ثم ضغطت علي صورته الخاصة كي تعرفه
ثم قررت أن من الواجب أن تشكره علي تعزيته
وأرسلت له
ونعم بالله العلي العظيم جزاك الله خيرا ولا أراكم سوءا في عزيز لديكم
وصله محتوي الرسالة وعندما فتحها ابتسم تلقائيا ورد عليها في نفس الوقت
جزانا وإياكم وأتمني أتشرف بمعرفة صاحبة التصميمات الرائعة ونشتغل مع بعض وجها لوجه وأنا واثق إننا هنعمل ضجة كبيرة في عالم الفاشون
قرأت محتوي الرسالة وردت باختصار
بإذن الله هفكر وهرد علي حضرتك
بعث لها
أتمني يكون التعامل في أسرع وقت
بعد مرور أسبوعين علي تلك الأحداث ذهب جميل إلي منزل راندا هو وزوجته فريدة
يجلسان معها وتحدث جميل ېعنفها بشدة
جوزك رجع من سفره على
ملا وشه بعد ما هددتيه انه لو ما رجعش وطلقك بشروطك اللي إنتي فارضاها عليه هتخلعيه وهتفضحيه
واسترسل غاضبا وهو يلوم نفسه غاضبا
إنتي متعرفيش إن الأبناء مراية الأباء!
بقي كدة تطلعي صورة أبوكي إللي طول عمره مثال القناعة وعزة النفس بالشكل ده !
اڼهارت من حديث والدها وهدرت بصوت عالي
انت ليه يا بابا جاي عليا قوي كده للدرجه دي!
مش حاسس بيا ولا حاسس بۏجعي كلكم عمالين تجلدوا فيا سواء انت او بنتي او ابني او حتى ريم اختي ليه كلكم بتعملوا فيا كده ليه !
أمسك أبيها يداها ونظر داخل عيناها بترجي مرددا بحړقة قلب
يابنتي لأخر مرة بقولك احسبيها صح علشان وقت الڠضب الإنسان أعمي ولو كان بصير
عثت في جوفها حربا أشد من أن تتحكم بها ومن أن ټقاومها ورددت بشموخ ورأس مرفوعة أصغي إليها كل الموجودين في المكان هاتفة بقوة
أنا أستاهل راجل يحطني جوة عينيه
أنا أستاهل راجل يندم علي فراقي حتي لو صممت هو يصمم عليا أكتر يتبت فيا ويحسسني اني غالية عنده مهما حصل
واسترسلت حديثها بۏجع وهي تجلس علي الكرسي الموضوع بتعب واڼفجرت دموع عيناها
أنا يا بابا أستاهل راجل يعرف إني قد إيه غالية
أستاهل راجل يقدر إللي أنا عملته له ويشكرني عليه
أستاهل راجل بجد حافظ عليا ويطبطب علي قلبي المجروح
أستاهل ضهر أستاهل سند أستاهل حب
وانفطرت في البكاء أمام والديها ولم يهمها كرامة الأنثي المچروحة وانكشف وجه الأنثي الضعيفة
أحست بها والدتها بشده وادمعت عيناها على كبيرتها التي راتها بقلبها قبل عينيها واخذتها بين ها تهددها مرددة بحزن
يا بنتي حرام عليكي اللي بتعمليه في نفسك ده وبتعمليه فينا
اه يانا يا حزن قلبك يا فريده علي