رواية للكاتبة داليا الكومي
انه بكى بسببها العديد والعديد من المرات ..
نظرات الالم علي وجهها تحولت الي الدهشه مع رؤيتها دموعها ...حاولت الكلام ولكن الجهاز الذى يحتل حنجرتها منعها ..تمنى لو استطاع معرفة ما كانت ستقوله لو فقط كانت استاطعت الكلام..!!! لانه كان سيكون اصدق كلام قد يقوله احدهم يوما ما وسيخرج من القلب الي القلب ...وعندما فشلت في التحدث رفعت اصابعها الي وجنتيه ومسحت دموعه بهم..
اكمل همسه قائلا ... حبيبتى المفروض انهم هيشيلوا جهاز التنفس دلوقتى فريده قبل أي حاجه لازم تعرفي انك مش بطولك ...فريده لازم تقاومى مش هقلك عشانى لان انا مش هتفرق معايا كتير انا وراكى في أي مكان هتروحيه لكن كفايه اقولك قاومى عشان بنتنا اللي بتكبر جواكى ... عشان احمد اللي انهار تماما مع اصابتك ...عشان خالتى اللي جربت كتير ۏجع مرض الضنى وقربت جدا تخسر ابن قبل كده ...لو تعرفي يا فريده كلنا بنحبك اد ايه هتحافظى علي نفسك جدا لان اصابتك ۏجع لقلوبنا مافيش له دوا..
لو كان يظن انه يفيدها بكلامه فعليه اعادة النظر ...قلبها المسكين لم يتحمل كل هذا الحب وكاد ان يتوقف مجددا ولكن هذه المره من السعاده ولولا انها علي جهاز تنفس صناعى لكانت رئتها توقفت هى الاخري فالمفاجأه ستجعلها تحبس انفاسها ...عندما لاحظ اضطرابها صاح بأعلي صوته ... دكتورررررررررررررررررر
حالة الهدنه التى صاحبت ازمة فريده اعطت الجميع الفرصه لالتقاط انفاسهم والتفكير برويه ...وعمر اصر علي بقاء فريده في المستشفي علي الرغم من اخباره مرارا من قبل طبيبها المعالج انها اصبحت بخير وتستطيع الخروج ..لكن ربما لانه وجد السلام الذى كان ينشده في الفتره التى قضتها في المستشفي جعله يبقيها هناك ...او خوفه عليها من فاطمه التى مازالت تشكل خطړا كبيرا لذلك وضع حارس خاص علي غرفتها لا يفارقها
اقتراب المۏت منهما بتلك الطريقه طرد كل الحقد وحطم الحواجز...ظل الي جوارها
يعلمها كيف تسنشق انفاسها من جديد كما علمها الكلام وهى طفله صغيره ...
الحنين الي الحب والاستمتاع بالمذاق المميز الذى يتركه في نفوسنا يجعلنا نتغاضى عن الكثير من الاشياء ... حتى الضروريه والبديهيه منها كالاكل والشرب ... او الاهم كزواج محمد ونور المتسرع ...
الام تحب فلذات اكبادها مهما بلغت اخطائهم والاخت تسامح اختها حتى لو الاذى طالها من جهتها والعائله تتجمع في السراء والضراء ويبحثون عن الفرح بملقاط ...سنفرح اخيرا رغم انف الظروف ...
علي الرغم من انه لم يكن يريد تركها ولو لثانيه في الغرفه العاديه التى نقلت اليها بعد تجاوزها للخطړ الا انه كان يريد ان يتابع تحقيقات النيابه مع الحيه التى اذت حبيبته ...سيتأكد بنفسه من نيلها للجزاء الذى تستحقه...
لن يعرض فريده او طفله مجددا لاعتداء من تلك الافعى لذلك حرص علي حضور كل الجلسات وتقديم كل الادله ..انها فريده التى حاولت تلك الحقيره قټلها لذلك يجب عليها دفع الثمن مضاعف...
امواله مجددا تسعفه ..الكثير من الاموال يفتح الطرق المغلقه ويسرع الاجراءات واسم الفطيم حينما يرتبط بإسم عمر نجم يجعل
الصعب سهل ...
المحامى الذى عانى اهل فاطمه الامرين من اجل احضاره لها كان يركز مجهوده علي اثبات انها مريضه وانها تحتاج الي العنايه الطبيه وليس الي السچن لانها لم تكن في وعيها وقت ارتكاب الحاډث واموال عمر التى وظفها واحضر كبار الاطباء النفسيين وكبار المحامين جعلت القاضى يقتنع انها مريضه وتحتاج الي العنايه ولكن من داخل السچن وليس من خارجه
يوم الحكم عليها فقط تنفس عمر الصعداء وسمح لفريده بمغادرة المستشفي
فى اليوم التالي الذى كان يوافق زفاف كلا من محمد ونور ورشا وعمر ....
ستجتمع العائله في الفرح اخيرا بعد طول شقاء..
باقة الورد التى استلمتها كانت ضخمه وراقيه جدا ومعها صندوق مستطيل انه اليوم الاخير لاقامتها الطويله في المستشفي ...الرساله الصغيره التى صاحبت الباقه لم تكن تحمل امضاء ولكنها علمت مرسلتها فورا ...فقط كتب المرسل ...
تمنياتى بالشفاء العاجل ..لم ارسلها من قبل مع انى اطمئن عليكى بإستمرار لاننى اردت ان تصلك كلماتى وانتى في كامل صحتك لتعيها جيدا.. لو كنت صادفت حبا يماثل حتى ربع الحب الذى كان من نصيبك لكنت تمسكت به بكل قوتى وصدقينى انا اغبطك علي حب عمر لكى.. لكن لا احسدك هناك فرق ...الحياه قصيره.. عبري لعمر عن حبك الذى اعلم انه موجود ويكاد يماثل حبه..الانجاز الحقيقي في الحياه هو ان تغمضى عينيكى وانت تشعرين بالامان ...
بالفعل الانجاز الحقيقي لا يكون في الشهادات التى نضحى بالكثير من اجل الحصول عليها وانما كما اخبرتها نوف في الشعور بالامان ...
الخۏف يمنع المتعه في الحياه والشعور بالامان لخص الحياه كامله فعندما نشعر بالامان نستطيع الشعور بالحب وبالرغبه وبمباهج الحياه جميعها...
علمت الان ما ينبغي عليها فعله في حياتها القادمه كى تعيد التوازن اليها فكتبت رساله اخري الي عمر تكمل ما بدئته الرساله الاولي التى ادت غلطة ارسالها قبل ميعادها بيوم واحد الي العديد من الاحداث الرائعه ...
تدابير القدر تدخلت وصممت حادثتها بشكل مهما حاول الانسان تخطيطه لم يكن ليصل الي تلك النتيجه ابدا ...
اما الان فسترتدى الفستان الجديد لتحضر به زفاف شقيقها وشقيقتها...فستان اسود جديد مثلها تماما ..سترتديه اليوم وهى تعلم انه يحمل تصميم نوف التى ابدعت في تصميمه وارسلته اليها لتعوض اخر اسود رفضت ارتداؤه بتكبر ...
اشفقت كثيرا علي نوف ولكن ليس بيدها شيء وتمنت ان تصادف صاحبة القلب الملائكى الحب الحقيقي يوما ما ولكن بعيدا عن عمر ....
وكأنهم لا يزالوا لا يصدقون معجزة بقائها علي قيد الحياه ...دخولها
الي الزفاف الفخم وهى تتمسك بيد عمر كان معجزه بكل ما في الكلمه من معنى عندما شاهدوها تطعن في القلب
كانوا اكيدين من ۏفاتها ولكن من رحم المۏت ولدت الحياه ...وليس حياه واحده فقط بل اثنتين...
خالها سعيد ترك المهجر نهائيا وعاد بأولاده بعد حادثتها ..علم انه يخسر كثيرا وخصوصا ان والدته اصبحت في فترة العد التنازلي وان ما فاته بعيدا عنها كان كثيرا جدا ..وبعودة فريده الي الحياه وعودة سعيد.. شريفه كانت وكأنها عادت الي الوراء سنوات فكانت في اتم صحه وعافيه في الزفاف ..
رؤيتها للسعاده الخالصه ترتسم علي وجوه العرسان اسعدتها هى الاخري ونظرت الي عمر بتفاؤل ..ۏفاة والدها منعتها من اقامة حفلة زفاف كبيره وعمر اليوم حرص علي اهداء العرسان اكبر قاعة زفاف ...
حتى يوم فرح اسيل لم يكن الفرح خالصا مثل اليوم فقد انقشعت اخيرا كل الغيوم وسطعت الشمس لتظهر قوس قزح يلون ايامهم القادمه بأروع الالوان .. عروستان خلابتان في ثوبهما الابيض الرائع زينتا القاعه ليس فقط بجمالهما المميز ولكن ايضا بسعادتهما التى رجت القاعه بأكملها ...
والجميع وجه انظاره الي احمد ليقولوا ... عقبالك ..الدور عليك من كان ليتخيل ان تمر سبعة سنوات ويتغير فيهم الحال وينعم احمد بكامل صحته والفضل لعمر ..لديه عمل جيد في مكتب محاماه شهير وصحه جيده جيدا والاهم قلب ناصع البياض ...
العديد من الاعلانات المتتاليه تلت اعلان خالهم استقراره النهائى في مصر وتركه للمهجر ... كأسيل التى تمسكت ببطنها بخجل وهى تنتنظر منهم ان يفهموا بدون الحاجه الي كلماتها وتختفي خلف زوجها من الخجل ...
اما عمر فنهض فجأه وامسك الميكرفون ليعلن علي الملاء ...تجربته في انقاذ فريده اعطته حافز ...في بلده يستطيع العطاء وانقاذ الارواح حتى لو الدخل لم يناسب طموحه ومكانته كطبيب... انتباه يا عيله ..انا قررت مش هسافر هكمل حياتى في بلدى وسط عيلتى ...
كانوا يجتمعون في المصايف ...اعتادوا قضاء اسبوع سنويا في الاسكندريه في فيلا كبيره تجمع الجميع علي شاطىء البحر مباشرة ... يسهرون سويا ويتناوبون النوم لقلة الاسره ويجتمعون في حديقة الفيلا الصغيره يجهزون للشواء كل ليله.. واليوم شعرت بنفس شعورها في الماضى ....
ان اوان اعترافها لعمر بحبها ...حذرها من قبل من نطق تلك الكلمه لكن الان لا يشبه بأي شكل ما كانا عليه منذ اسابيع فقط ....
اخرجت رسالتها من حقيبة السهرات السوداء الصغيره التى تحملها ... ستعطيها لعمر الان فالوقت مناسب جدا لطى صفحة الماضى ...استقالتها واعتذارها الرسمى عن البعثه بالتأكيد سيصلا في اقرب وقت الي رئيس القسم وعميد الكليه وقرارها اصبح رسمى فور ارسالها لتلك الرساله الهامه التى اعادت ترتيب اولوياتها بها ...
اخر رساله ستعطيها لعمر وهى التى سوف توصل اليه ما تشعر به في داخلها ...
كان يراقبها بشغف كأنه لا يزال يعجز عن تركها تغيب عنه ...عندما اوشك علي فقدها تخلي عن كل شيء الا الرغبه في الشعور بأنفاسها تلفح وجهه اقتربت منه بهدوء ووضعت كفها علي ذراعه .. وبحركه تلقائيه غطى كفها بيده الاخري التى دست فيها رسالتها...للحظات لم يستوعب ما فعلته لكنه رفع الرساله الي عينيه وحركتها عندما هزت رأسها مشجعه جعلته يقتادها الي خارج القاعه حيث مقهى حميم فى نفس الفندق الفخم الذى يقام فيه الزفاف وطلب لهما القهوه ...سألها پخوف .. فيها ايه يا فريده ...
اجابته بدلع ... اقراها وهتعرف
تطلع الي الرساله بتوتر ...قال هامسا .. القهوه كفايه