رواية للكاتبة داليا الكومي
بنقل عمر النائم الي غرفته ... نهضت تراقبهم وهم يحملونه بلطف ويرقدونه علي فراش الغرفه ... فور استقرار عمر علي الفراش تأوه پألم وقال في صوت خاڤت ... فريده ... فين فريده..
فريده اقتربت منه بهدوء وقالت ... انا هنا يا عمر ...عمر فتح عيونه فجأه وقال .. فريده ...انت هنا ...الحمد لله ثم اغلق عيونه مجددا واستسلم للنوم.. مشاهدته وهو مازال تحت تأثير المخدر ادمعت عيناها ...عمر ضحى بنفسه من اجل حبها وهى لا تحبه الي الان وهذا ظلم بين له ...لكنها ستحاول ... نعم هو يستحق المحاوله..
نظرت في ساعتها الان مرت 5 ساعات منذ دخول احمد الي العمليات ومحمد اصر علي حضور العمليه كامله ...استاذ الجراحه المشهور الذى يقوم باجراء العمليه يكون والد صديق محمد المقرب ووافق علي حضور محمد معه ... بالتأكيد الان العمليه شارفت علي الانتهاء واحمد سيخرج لهم بخير ان شاء الله مع فرصه للحياه بدون خوف لمدة سنوات طويله تصل الى خمس وعشرون عاما وربما اكثر اذا ما نجحت العمليه وتقبل جسده الكلي.. كلما كان تطابق الانسجه نسبته عاليه كلما زادت فرصة قبول الجسم للزرع واعتبار الكلي الغريبه كأنها جزء منه ...وعمر اثبت انه جزء منهم ... نتيجة التطابق كانت مدهشه تكاد تصل الي نسبة تطابق التؤام ....القت نظره اخري علي عمر وعندما تأكدت انه بخير غادرت غرفته وقلبها معلق بالامل .....
عند باب العمليات محمد بفرحة غامره ...كانت كل ذره من جسده تدل علي الارتياح ...من منظره علمت ان العمليه قد نجحت وتمت الزراعه بنجاح ....بالطبع هذا ليس دليل علي تقبل الجسد للكليه ولكن جزء هام قد مر وهو تجاوز مخاطر عملية النقل نفسها...احمد سوف يقضى اسابيع في العزل بعد العمليه لانه سوف يتلقى عقاقير تثبط من مناعته حتى يتقبل جسده العضو الغريب ... عمر فكر بذكاء حتى
اختياره لموعد العمليه كان مراعى فيه جميع التفاصيل لاقصى درجه .... احمد كان قد توقف عن الدراسه بسبب حالته المرضيه وعمر كان يعلم ان حالته الصحيه تؤثر بالسلب علي نفسية اخوته فحرص علي اجراء العمليه قبل امتحاناتهم بفتره حتى يتمكنوا من التركيز .... عمر اخبرها انه سوف يستلم عنهم الحمل وقد فعل فعلا ... دموع محمد اختلطت بدموعها...وارتياحه وصل اليها يبثها الامل ...تفائلت بالخير وانتظرته فمن كان يتوقع ان يحدث ما حدث ....فريده جذبته من يده وقالت .... تعالى نطمن ماما وخالتو ...
الصبر والدعاء كان كل ما يملكونه ....عمر ضحى بجزء غالي من جسده لاجل احمد فتمنوا ان يكون المقابل يستحق ....احمد
وضع في العنايه المشدده لاسابيع ومنعت عنه الزياره خوفا من انتقال العدوي اليه بسبب نقص مناعته فأي عدوي الان قد تكون قاتله...مبدئيا ارتياح الاطباء لعدم حدوث مضاعفات معتاده لمثل ذلك النوع من العمليات كالجلطات و العدوى كانت مثل طاقة الامل التى تؤكد المعجزه التى تحدث..بعد اسبوعين تأكدوا ان عملية النقل تمت بنجاح فأحمد استطاع ان يغادر العنايه المشدده واخبروهم ان كلية احمد الجديده بدأت العمل علي الفور حتى وهو مازال علي طاولة العمليات ...ربما لوكان المتبرع مټوفي او غير متوافق كليا كما هو الحال مع عمر لكانت الكليه استغرقت وقتا اطول للعمل لكن المدهش انها اشتغلت فورا وبكفأه كأنها لم تغادر جسدها الاصلي .... ورحمت احمد من جلسات غسيل كلوي جديده كان من الممكن ان يحتاج اليها اذا ما استغرقت الكليه وقت طويل قبل ان تبدأ عملها ....حتى العقاقير المثبطه للمناعه والتى سوف يتناولها احمد ستأخذ بجرعات قليله لان جسده لم يرفض الكليه بل تقبلها بصوره مدهشه ... ډم عمر الجيد وجيناته كانت موجوده حتى في كليته وهى خارج جسده ...
الي الان لم تحضر أي هديه الي عمر منذ زواجهم ...والان حان وقتها .. فكرت كثيرا فى ماذا ستهديه ...وعندما تعبت من التفكير اختارت علاقة مفاتيح من الفضه تحمل اسمه منقوش في وسط دائره من الفضه المفرغه...طرقت باب غرفته بخجل ...كان يطالع الجريده باهتمام ...لكن مع دخولها القي الجريده بفرحه ونهض لملاقاتها ...فريده اعادته الي فراشه بحزم ... انت لازم ترتاح ...الحركه خطړ عليك ...عمر عاتبها ... فريده انسي شويه انك دكتوره ...انتى مراتى ولازم ارحب بزيارتك بالطريقه اللي تناسبك وتناسب حبى ليكى ....فريده اطرقت رأسها بخجل ...فتحت حقيبتها والتقطت هديتها المغلفه بغلاف زهري وناولته اياها ...عمر بدى علي وجهه عدم التصديق للحظات بلطف لكن فجأه باب الغرفه فتح ودخلت منى والدة عمر وعندما رأتهم شعرت بالخجل الشديد ... من شدة خجلها حاولت الاستداره والخروج مجددا لكن عمر ناداها بمرح ... تعالي يا ماما ما فيش حد غريب ...تحبي اعرفك بمراتى ...
وبمرور شهر تعافى كليا واحمد عاد الي المنزل الذى دخلته الفرحه مجددا وفريده ضغطت علي نفسها كى تخفي نفورها من عمر ولو راجعت نفسها ستعلم بالتأكيد انها الان تقبلته بشكل افضل ولو اعطت لنفسها الفرصه فلربما ستحبه ...فيكيفها ضحكة احمد التى عادت لتنير وجهه ... وكان يضحك بفرحه ويجمعهم جميعا في كل ميعاد غسيل لم يعد يحتاجه ... كان يهتف بفرح غامر في ميعاد كل جلسه .... فريده ...محمد ...ماما ... رشا...انا في البيت انا مش محتاج غسيل ....انا اقدر اخرج مع اصحابي لاول مره منذ سنوات يشعر بالصحه والحريه...والفضل لعمر بعد الله سبحانه وتعالي الذى اكرمهم بمعجزه.....الحياه تكون قاسيه احيانا لكن نعمة وجود من يحبنا باخلاص ويدعمنا في كل الاوقات تهون الكثير والكثير ... الازمات التى تواجهنا تعيد تشكيلنا من الداخل وتبرز افضل ما فينا ..تجعلنا نعيد اكتشاف انفسنا ونكتشف اننا قادرون علي العطاء وبصوره كبيره ....
شهر النقاهه مر بسرعه كبيره وعمر تمكن من استلام عمله الجديد ...
مع
ان راتبه كان كبير مقارنة برواتب الشباب الكادحين في مصر الا انه لم يصل حتى الي عشر ما كان يتقضاه في دبي....ضحى بمنصبه الهام كمدير للفندق وعاد للبدء من البدايه ...تضحيه اخري تضاف الي تضحياته....رفض البقاء بعيدا عنها بعد الزواج فهو كان يعلم انها لن تستطيع ترك دراستها ومرافقته في غربته فعاد هو ليكون الي جوارها ...لم يندم لحظة واحده علي أي شيء فعله فهو كان يحبها .....
الان الوقت عاد للمرور بسرعه رهيبه ...نظرية نسيبة الوقت مجددا ... فالوقت المتبقي علي دخلتها كان يمر وكأنه يركب صاروخ..فريده انهت امتحاناتها النهائيه بتفوق كعادتها ....وعمر انتظر حتى اطمئن انها ارتاحت جسديا وفكريا من ارهاق الدراسه وبدأ يطالبها بتحديد موعد للډخله ... الامور تحسنت كثيرا ...احمد اصبح شبه متعافي ومصاريف غسيله الباهظه ازيحت من علي كاهلهم .. وعمر استقر في عمله الجديد وبتكفله بكل مصاريف فريده لانها اصبحت زوجته شرعا عادت الحياه الي الاستمرار وتمكنوا من الصمود بطريقه جيده كما كانوا يفعلون دائما......
فريده انتى مش خلصتى ...كده يا عفريته مسألتيش علي
فريده القت بنفسها في جدتها شريفه التى احتوتها بحنان بالغ ... عيناها اغرقت بالدموع فهى كانت تعلم انها مقصره في السؤال عليها ... واليوم جدتها فاجئتها وقدمت لرؤيتها ...كانت تعلم انها تريد محادثتها في خصوصيه فهى اختارت ان تحدثها في غرفتها الخاصه ...جدتها ربتت علي رأسها بحنان ..ثم قالت ... فريده.. اكيد انتى عارفه انا جيت ليه النهارده ... اكيد عشان وحشتونى لكن الاهم عشان افهم ...فريده انتى حفيدتى وبحبك جدا لكن عمر كمان حفيدى وبحبه زيك بالظبط ...انا خاېفه يا فريده تظلمى عمر وانتى مش حاسه ...مش كفايه عرفانك له بالجميل ده مش سبب للجواز...عمر بيحبك ومستعد يعمل اي حاجه عشانك... لا مش بس بيحبك ده بيتفانى في حبك انتى بقي يا فريده مستعده تقدمى له ايه ...
مع سؤال جدتها فريده شعرت بالجفاف في حلقها ...موقفها من عمر مفضوح لدرجه كبيره ... ومن الواضح ان الجميع يعلم وعمر فقط الذى يعتقد انها سعيده ولكن جدتها الحكيمه هى التى تجرأت وواجهتها بحقيقة نفسها المتدنيه ... عمر ضحى لاجلها بكل ما يملك وهى حتى لم تفى بوعدها الي الان ... فريده احنت رأسها وقالت بخضوع ... مستعده ابقي مراته ..
شريفه نظرت اليها شذرا وقالت پغضب... مش كفايه ...لو هو ده كل اللي عندك تقدميه له يبقي تنسحبي من حياته من دلوقتى ...صډمته دلوقتى هتكون اخف كتير من بعد كده ....انا هسيبك لوحدك دلوقتى وفكري مع نفسك ...لو مقدرتيش تعرفي هتقدمى لعمر ايه بلغينى وانا هتصرف ...
جدتها غادرت غاضبه ووضعتها في مواجهه مع نفسها ...كانت تريها حقيقة مشاعرها وتعطيها الفرصه للتراجع ..ليس تعاطفا معها ولكن دفاعا عن عمر ...هى اعطت وعدا وستنفذه ...ستحاول ان تكون الزوجه المثاليه وستعطى نفسها لعمر كما وعدته ...لا بل ستجاهد بكل الطرق كى تحبه فهو يستحق اكثر من الحب... حان وقت الحسم فالتقطت هاتفها الجوال واتصلت بعمر ...صوت عمر الحنون المحب شجعها فقالت ... عمر ...
كعادته في كل مره يسمع صوتها كان يرحب بها بشده ويشكرها علي اتصالها به ثم يبدى الكثير من السعاده لكنه اليوم شعرانها تريد اخباره شيء ما... شجعها للاستمرار ... ايوه يا فريده عاوزه تقولي حاجه ...
ايوه ...يعنى مش عارفه اقول ايه...
عمر شعر بترددها فقال بحنان ... طيب ادينى أي اشاره وانا اساعدك ...
يعنى بخصوص معاد الډخله ...عمر هتف بلهفه ... المعاد... لو عليه انا عاوز النهارده ...فريده اجابته باستسلام... خلاص بعد شهر كويس ...
7 يونيك
الحب المطلق الغير مشروط...هكذا هو احساس عمر الان... كان في قمة سعادته ويشعر بنشوه شديده وهو يستلم يد فريده زوجته الحبيبه ليساعدها