رواية جراح الماضي
تتطلع بهذا الكتاب في يدها ..
هذا الكتاب الذي شهد كل لحظة من لحظات حياتها معه.. كل موقف حدث بينهما سواء كان .. مفرح رومانسي حزين .. كان هذا الكتاب يكتب بيديه و يديها
حتي لحظة ابتعادهما و انفصالهما شهد عليها ..
انتفضت من محلها و عيناها متسعتان بخضة عندما فتح الباب و اصطدم بالحائط بقوة و هي تنظر لشقيقتها الواقفة أمامها و الڠضب جالي علي وجهها لتقول
سارت حتي أصبحت أمامها مباشرة و هتفت ببرود أعتادت عليه خاصة عند معاملة كلا من فاطمة هنا
أولا الطريقة اللي أنتي ډخلتي بيها دي طريقة الناس
الھمجية بس يا
بشمهندسة ثانيا لو اللي حصل دة أتكرر تاني يا هنا متزعليش مني
ثالثا بقي و دة الأهم ان انا معرفش أن فارس أصلا رجع من السفر و حتي لو أعرف دة شيء ميهمنيش و مظنش كمان أنه يهمك..
رفعت حاجبها بسخرية و قالت
اها.. فهمت عشان تلحقي تبعدي عن شوية الصيع اللي انتي ماشية معاهم.. هو شافك معاهم و لا اية !
هتفت بصوت مرتفع و نبرة تشوبها الڠضب
بطلي بقا برود شوية .. و متكدبيش لأني واثقة انك كنتي عارفة أن فارس رجع و مقولتليش..
و انا هكدب لية بقي.. هخاف منك مثلا.. بس احب اقولك اني فعلا اول مرة اعرف ان فارس رجع مصر منك دلوقتي .. و لو مش عايزة تصدقي فالحيطة قدامك اهي
خرجت مثلما دخلت بعاصفتها الهوجاء لتجلس ليلي علي الفراش و هي شاردة..
لقد عاد مرة أخري .. ترى هل عاد لها .. أم عاد لقضاء عمل له و يذهب مرة اخري ..
و إن كان قد عاد لقضاء عمله.. فلم بعث لها بهذه الورود إذا !
أسئلة كثيرة تدور بذهنها و لم تجد
مفر منها
كان جالس يتابع العمل علي الحاسوب الخاص به و هو ينظر إلي يوسف بطرف عينيه منتظر أن يتحدث بما فيه بدلا من جلوسه شارد هكذا لكنه لا يفعل.. حتي قال فارس
ها.. مليش يا فارس ..
ترك فارس ما بيده و اتجه ليجلس أمامه مباشرة و هتف و هو يضع كفه علي كتفه
مقولتليش عملت أية النهاردة
في أية بالظبط !
رفع فارس حاجبه بتعجب و قال
أنت مش روحت النهاردة عشان تقابل هنا .. عملت اية معاها !
تنهد يوسف بحسرة علي حبه الوحيد و قال بابتسامة سخرية
و لا حاجة.. معملتش و لا حاجة.. من الواضح انها بدأت حياة جديدة .. ربنا
قطب فارس حاجبيه بدهشة و قال
يعني أية اتجوزت و لا اتخطبت!!
معرفش !!
هتف بها يوسف و هو ينظر إلي اللا شيء .. لينظر له فارس باستغراب و هو يقول
بقولك أية أنا مش فاهم منك حاجة .. هطلب كوبيتين قهوة و صحصح معايا كدة و احكيلي
هز يوسف رأسه بالموافقة .. لينهض فارس و يقوم بطلب القهوة تاركا خلفه هذا الشارد الذي بدت له الحياة مؤخرا مثل السماء الملبدة بالغيوم
إذا كان الفراق يؤلم ليلة فالاقتراب يؤلم ألف ليلة .. .. بغض النظر أني لم أقتنع بها و أري أنها خاطئة
فأنا أريد أن أتخلص من الألم نهائيا .. و لكن لم تعد الفرصة سانحة ...
ف الألم قد أقتحم حياتي و لم يخرج منها منذ أول ليلة رأيتك فيها...
فالفترة التي عرفتك فيها كانت مليئة بالألم .. لتدخل أنت إلي حياتي و أظن أن الألم سينتهي و لكني كنت ساذجة حينما أعتقدت ذلك .. فقد كانت بداية جديدة لمرحلة أشد ألما ...
أغلقت الدفتر الخاص بها بعدما أنتهت من كتابة تلك الكلمات التي تخرج بها الألم الكامن في قلبها..
تنهدت و هي ترجع ظهرها إلي الخلف لتعود أيضا بذاكرتها نحو الماضي
كانت تعيش فترة مؤلمة ..
إلي حالتها التي يرثي لها و الحزن الذي أنهكها و لم تصدر أي تعليق..
عادت الأخيرة إلي البكاء و النحيب و هي تقول بصوت متقطع من وسط دموعها
طيب قولي أي حاجة .. طيب قولي حتي أنك بتكرهيني و مش بتحبيني !!
تنفست بعمق و هي تعصر عيناها بقوة في محاولة منها للتماسك لتقول بصوت منهك
أنا عمري ما هكرهك يا ليلي .. مفيش حد بيكره أخوه .. ما بالك بقي لو توأمه!!!
طيب ليه مش بتكلميني .. ليه بتعملي زيهم
أنا .. أنا بس لحد دلوقتي مش مصدقة أن بابا مش معانا..
قالتها و قد عادت الدموع الي وجنتاها مرة اخري رغم كل محاولتها للثبات و التي باءت جميعها بالفشل
أنا السبب في مۏته .. صح !!
لا يا ليلي .. دة عمره و مكتوبلة .. أنتي مش سبب أبدا في مۏته.. اوعي تقولي كدة تاني !!
لو مكنتش زعلته مكنش هيجيله القلب و مكنش ھيموت ..
استغفري ربك ... دة قدر و مكتوب و محدش يقدر يغيره !!
أرتمت وهي تبكي و تتمني لو يعود الزمان مرة أخري ..
مرت الأيام و الليالي و هي حبيسة غرفتها قليلة الحديث الا مع ليلي التي تأتي لها لتهون عليها و هي في الأساس تحتاج إلي من يساعدها في هذه الفترة العصيبة ..
بدأت الحياة تسير و هي الوحيدة التي مازالت قاطنة بمحلها .. لا تتحرك ..
استمعت إلي نصيحة والدتها و قررت الذهاب إلي طبيب نفسي .. علها تخرج من دوامة الوحدة و الحزن التي وضعت حالها بها
رجل ستيني .. يغلب علي شعره الخصلات البيضاء التي تعطيه وقار يذكرها بوالدها..
جلست أمامه و هي تدقق في ملامحه
و هي تحاول أن
تتخيل أن الجالس أمامها هو والدها ابتسم هو ببشاشة و قال
ازيك يا آنسة نور ...
تمام
قالتها بصوت خفيض و عيون زائغة كأنها ضائعة وسط بحر لا يوجد فيه قارب للنجاة
هز رأسه بتفهم لحالتها و قال
باباكي الله يرحمه ټوفي بقاله قد أية
بقاله خمس شهور ..
الله يرحمه .. زين بيه كانت سمعته طيبة جدا
هو حضرتك كنت تعرفه..
هتفت نور بها و هي تنظر له بلهفة و كأنها تنتظر أخبار عن حبيبها الغائب ليبتسم و قد بدأت تتجاوب معه و قال
حقيقة أنا معرفهوش معرفة شخصية لكن ابني هو اللي شركته ليها تعاملات معاه.. و بصراحة كان دايما بيشكر فيه و بيثني علي أمانته ..
بجد .... و كان بيحكي لحضرتك أية كمان عليه !
بدأت حالتها تتحسن و هي تستشعر حنان الأب بهذا الطبيب الذي لا يعاملها كمريضته بل كابنة له..
و بعد عدة زيارات متتالية
شوفي بقا أنا صابر عليكي قد اية ..
لازم بقا تنفذي وعدك و تبدأي تحكيلي ..
ابتسمت له و قالت برقتها المعهودة
عايزني أبدأ أحكي من فين بالظبط
من أول لما أنتي تحسي أنك عايزة تحكيمن أول لما تحسي أن المشكلة بدأت..
شوف يا دكتور محسن ...
من وجهة نظري أنا ان المشكلة بدأت من أول لما ليلي سافرت
قولتيلي ليلي تبقي أختك صح !
اه .. توأمي
امم.. كملي .. اية المشكلة اللي بدأت مع سفر ليلي
سفر ليلي أصلا هو اللي