الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف

انت في الصفحة 19 من 70 صفحات

موقع أيام نيوز


حين كان محاطا پالنار وتحدثت قائله بحنان نابعا من قلبها الجميل لابنائها 
ربنا يخليكم ليا يا حبايبي ويخلي باباكم اللي
تعبان وشقيان في الغربه علشان خاطر يعيشنا في المستوى اللي احنا عايشين فيه ده والحياه ما هي الا تضحيه من جميع الاطراف علشان السفينة مقاديفها ما تنكسرش ونغرق كلنا 
واسترسلت حديثها وهي تمسك هاتفها لكي تهاتف والدتها مردده 

انا هكلم تيتا دلوقتي علشان اعرفها على كل اتفاقنا وهخليها طبعا تبلغ جدو جميل وتبلغ خالو رحيم ان الموضوع يبقى في غايه السر والكتمان وكدة يبقي تمام 
واثناء حديثها استمعت الى رد والدتها عليها قائله باطمئنان
ازيك يا امي عامله ايه 
وحشتيني جدا يا حبيبتي 
اجابتها والدتها بحب 
الله يسلمك يا ام مهاب انا كويسه يا حبيبتي وفي نعمه وفضل من الله 
ابتسمت الأخرى وتحدثت باستفاضه شارحه ما تريده من والدتها 
بصي يا ماما احنا قررنا ان احنا نسافر انا والأولاد لإيهاب علشان نلحق نقضي شهر الاجازه بتاع الترم الاول ونرجع تاني على طول 
بس احنا حابين نعملها له مفاجأة مش هنقول له ان احنا مسافرين له علشان نشوف رد فعله هيبقى عامل ازاي لما يلاقينا قدامه مره واحده 
وتابعت حديثها وهي تتخيل شكل زوجها عندما يراهم فجاه قائله بنبره حماسيه 
بجد يا امي مش عايزاكي تجيبي سيره خالص لو ايهاب كلمك في اي وقت وتنبهي على بابا ما يجيبلوش سيره عشان عارفاه قلبه طيب وممكن يبوظ لنا المفاجأه وكمان تنبهي على رحيم باشا لا يقع بلسانه وبرده يبوظ لنا الدنيا 
ابتسمت فريده من حديث ابنتها وعلى چنونها في الفكر واجابتها باستفسار 
طب ليه يا بنتي ما تعرفيهوش علشان يستقبلكم في المطار علشان ما تتبهدليش إنتي والأولاد سيبيكي من الافكار المجنونه بتاعتك دي انا كده هبقى خاېفه عليكم وطول الطريق مش هبقى مطمنه لحد ما توصلوا
المره اللي فاتت كنت حاطه ايدي على قلبي وكل شويه اكلمكم 
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأجابتها بتوضيح
بجد يا امي انا نفسي اعملها له مفاجأه وبعدين المره دي الأولاد كبار ومش هيتعبوني ولا تخافي علينا زي المره اللي فاتت وبعدين بسم الله ما شاء الله حفيدك مهاب بقى راجل في الثانويه اهو وما تقلقيش علينا احنا متعودين على السفر وتقريبا حفظنا الطريق بس امانه عليكي يا امي تنبهي على بابا ومش عايزه إيهاب يحس خالص ان احنا رايحين له 
واستمرت في الحديث مع والدتها تسألان كل منهن عن الأخرى باطمئنان على حالهما ثم اغلقا الهاتف ونظرت الى ابنائها وهي تتحدث بنبره سعيدة 
خلاص يا ابنائي الأعزاء تيته اخذت الفرمان وهتنفذه ونتوكل على الله نجهز الشنط ونحجز التذاكر كمان عايزاكم بقى تبقوا نحله كده وانتم بتجهزوا حاجتكم ومش عايزه اي غلطات انتوا عارفيني مش بحب المفاجآت الصادمه وقت الساعات الأخيرة في السفر 
قفز ابنائها من السعادة العارمه وطمئنوها انهم لن ينسوا شيئا وانهم سيستعدون للسفر على قدم وساق وأن لا تقلق روحها 
في منزل زاهر الجمال تجلس تلك الشمطاء التي خططت كيف توقع بريم وان تتغذى بهم جميعا ولن تنتظر حتى ينفوها او يجعلوها كأي قطعه أثاث لا قيمه لها 
انتظرت تلك الأسبوعان الماضيان وهي تعيد وترتب وتنظم كيف ومن اين تبدا المعركه والتي حتما ستفوز بها كما في مخيلتها 
وحدثت نفسها بانتشاء 
دلوقتي انا اديتها فرصه اسبوعين انها تاخد
بعضها وتمشي وهي بجحه وعيونها قويه ولا كأني قلت لها اي حاجه ولا اتهزت حتى لما عرفتها اني عارفه بخناقتها هي وجوزها ولا فكرت تغور وتمشي من هنا 
واستطردت حديثها وهي تضع المشروب البارد كبرود اعصابها على فمها قائله بنبره مفعمه بالشړ 
كده بقى نضرب على الحديد وهو سخن وانزل للكباره اللي تحت واقول لها وافضي لها كل حاجه وأهو نعيش عيشه فل يا تخرب على الكل 
كان ذلك تفكير تلك التافهه التي لم يكن يشغلها شيئا طيله حياتها غير المكائد لريم فحتما هي تكرهها 
فقد قالوا في المثل ان العين لا تكره الا من هو احسن وافضل منها فلنرى اذا كان صادقا ذلك المثل مع تلك البغضاء 
ارتدت ثيابها وانتوت النزول الى
الطابق التي تسكن فيه والده زوجها مستعده لالقاء القنبله وليحدث ما يحدث 
هبطت الى الأسفل وفتحت الباب
ودخلت كعادتها دون استئذان 
كانت اعتماد تجلس امام مصحفها تقرا بعض ايات القران الكريم على فقيدها الغالي فهي الى الان داخل قوقعه الحزن كطبيعه اي ام تفقد عزيزها مهما كانت قوتها وشدتها 
فتحدثت هند باطمئنان مزيف 
اخبار صحتك ايه يا ماما يا رب تكوني اتحسنتي على العلاج اللي الدكتور ادهولك 
اغلقت المصحف ونظرت اليها بعيون حزينه مردده بلا مبالاة
اهو العلاج ده زي اللي فات كلها مسكنات بتسكن الألم اللي في جسمنا لكن ما فيش علاج يشفي الم الروح والحزن على الغاليين اللي فاتوا وسابونا ولا عمرهم هيتعوضوا ولو بكنوز الدنيا 
كانت الاخرى تستمع الى حديثها بلا مبالاه تفكر كيف تبدا حديثها المضوى پالنار 
تفكر كيف تشعل الفتيله الأولى وبعدها تنطلق
ثم فركت يديها وقلبت عينيها لكي توضح لتلك الماثله امامها انها تخبئ شيئا فالأخرى بارعه في تمثيل النظرات التي توحي ان ورائها امر ما 
راتها اعتماد بهذا الشكل فهي تعرف طباعها جيدا لانها تمتلك بضعا من تلك الطباع مردده بتساؤل 
مالك يا هند بتفركي في ايدك كده ليه وعماله تبصي يمين وشمال شكل ما يكون إنتي عارفه حاجه ومخبياها عليا 
واسترسلت وهي ټضرب علي فخذها 
قولي ياهند إللي عندك مبقاش حاجة تزعلني ولا تقهرني ولا تأثر فيا بعد مۏت الغالي الله يرحمه ويحسن إليه 
شبكت الأخرى يديها وتحدثت بنبره ممتثله بالمكر بعد ان جعلت التي امامها تلقي لها الشباك كي تصطاد بمهاره مرددة بحزن مزيف 
في حاجه حصلت ولازم تعرفيها ويكون عندك علم بيها وضميري بيأنبني ان انا ما قلتهالكيش لحد دلوقتي ولا قلتها لزاهر 
واستطردت وهي تومئ برأسها للأسفل بنفس النبرة المصطنعة للحزن 
الحاجة دي تخص باهر الله يرحمه ولازم تعرفيها ويكون عندك علم بيها 
علشان لما تعرفي إني كنت علي علم بيها ومقلتلكيش متزعليش وإنتي عارفة كله إلا إنك تزعلي مني 
احست اعتماد بالقلق الشديد وجذبت انتباهها الى تلك الهند بشده ثم تحدثت وهي قاطبه جبينها بتساؤل مغلف بالقلق 
في ايه اللي إنتي تعرفيه عن باهر!
طريقه كلامك قلقتني انطقي بسرعه 
اجابتها تلك الشمطاء وهي مرتبه لحديثها الكائد بطريقه بارعه 
شوفي انا هحكي لك كل حاجه اعرفها بس امانه عليكي ما تجيبيش سيره لريم ان انا قلت لك حاجه ولا تجيبي سيره لزاهر علشان لو عرف ممكن يطلقني فيها لازم توعديني الاول 
ضړبت اعتماد كفا بكف ثم رددت بنفاذ صبر
ما تخلصي يا بنتي قلقتيني ورعبتيني اتكلمي وانا مش هقول لحد خالص ومن امتى وانت جيتي فضيتي اللي عندك وانا رحت حكيته لحد خلصي بقى 
تنهدت بارتياح مصطنع واجابتها بهدوء مزيف 
باهر الله يرحمه في الليله اللي صبح مېت فيها كان پيتخانق هو والست ريم خڼاقه كبيره هي كانت عايزه تنزل تشتغل في مصنع ما اعرفش ايه تقريبا طالبها بالاسم 
والخڼاقه اشتدت ما بينهم جامد لأنه طبعا رافض انها تخرج تشتغل كالعاده وهي النوبه دي كانت راسها والف سيف انها تنزل الشغل وان هو كده بيحجر على موهبتها والحوارات الهبله اللي انت عارفاها دي 
واسترسلت حديثها وهي مدعيه الحزن 
المهم كلمه منها على كلمه منه ومش عايزه اقول لك صوتهم كان عالي قد إيه لدرجة فزعونى وأنا نايمة قال لها يا أنا الشغل والاولاد 
اختاري تهدي البيت او نفضل زي ما احنا حياتنا مرتاحين بعيد عن مشاكل الشغل اللي هيجي من وراها اهمال للبيت وللأولاد وليا انا شخصيا وانا مرضاش بكده 
قامت هي ردت بكل جبروت يا ماما وقالت له هختار الشغل يا باهر ولو مش عاجبك اشرب من البحر 
قالت تلك الكلمات بحرفيه معلم ممتاز يعرف كيفيه توصيل المعلومه لدى طلابه بامتياز 
مما ادى ذلك الى انصعاق الاخرى التي فقدت النطق لوهله مما استمعت اليه وتكاد تكذب اذنها وتهدئ من تشتت روحها متسائله بهدوء ما قبل العاصفه 
كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده يا هند انتي عارفه ان الكلام بتاعك ده هيعمل ايه هيخرب البيت وهيجيب عليه واطيه فلو لعبه من الاعيبك اللي طول عمرك
بتشتغليها عليا وفاكره انها بتدخل عليا وان انا بشتريها يبقى ورب الكعبه لا هتشوفي اللي عمرك
ما شفتيه في حياتك هوريكي الويل ويلات لو طلع الكلام اللي انت بتقوليه ده مش حقيقه 
انزعجت الأخرى باصطناع ونظرت إليها مردده بثقه وتأكيد 
تشكري يا ست الكل على تكذيبك ليا بس هاتي لي مصحف دلوقتي واحلف لك عليه ان اللي انا قلته لك ده هو اللي حصل هو انا مش عارفه ان الكلام ده خطېر وهاتيها ونقعد قدام بعض كده وهي تحلف وانا احلف ان اللي انا قلته ده ما حصلش وساعتها هتتأكدي اني بتكلم صح وجد الجد هو انا عبيطه يعني علشان أخرب بيتي بايديا 
وتابعت حديثها بنبرة صوت حزينة 
ما كانش العشم تكدبي مرات ابنك الكبير هو انا ليا غرض ورا الكلام ده يعني كل اللي انا عايزه اقوله لك واوضحه لك اني سمعت حاجه بمحض الصدفة ولازم تعرفي بيها لأن دي مش حاجه سهله ولا قليله 
قامت اعتماد من مكانها پغضب عارم وكأن الشياطين الجن والانس تجمعوا امامها وعزمت على ان لا تمرر الامر مرور الكرام وستنتقم لعزيز عينها ان صدقت تلك الماكره الكائده في حديثها 
فتحت باب شقتها ونادت بعلو صوتها مرات متتالية
ريييييييييم إنتي يارييييييييييم انزلي لي هنا حالا 
في منزل مالك الجوهري عصرا
حيث يهبط مالك الدور حاملا حقيبه السفر في يده وكان بالأسفل والدته واخيه يتطلعون اليه باستغراب فرددت والوالدتهم باستفسار 
ايه شنطه السفر ديت يا مالك وانت رايح فين هو ميعاد سفرك النهارده ياحبيبي 
استمع الى سؤاله واجابها بابتسامه مهذبه وهو يضع حقيبه يده ارضا ممسكا بيديها مقبلهما بحب 
اه يا حبيبتي قدمت الميعاد وعندي طياره بالليل بس هروح على المصنع الاول فيه شويه حاجات اظبطها هناك وبعدين همشي من بره بره على طول ادعي لي يا امي ربنا يوفقني في سفريتي دي وارجع منها مجبور 
ڠصبا عنها انسدلت الدموع من مقلتيها على سفر عزيزها الغالي قائلة بنبره حزينه 
طب ليه ما قلتليش يا مالك ان انت مسافر النهارده
ينفع كده تقول لي وانت ماشي والله انا زعلانه منك بجد 
عندما رأى دموعها تهبط على وجهها كعاده كل مره يسافر فيها الى الخارج قبل يديها وتركهما وجفف دموعها بأصابع يديه بحنان لتلك الأم الحنون مرددا 
علشان دموعك اللي بتنزل دي يا امي كل لما اجي مسافر كل
 

18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 70 صفحات