رواية بقلم دعاء عبد الرحمن
وجنتيها تعلن ڠضبها من نفوره الدائم منها بلا سبب تفهمه رمقه عمه بنظرة صارمة قائلا
بتكلمها كده ليه يا يوسف هي قالت حاجة غريبة يعنى مش كده يا يابنى
يوسف انا آسف يا عمى عن اذنك علشان كده يدوب ألحق معاد الطيارة
أستدارت مريم وتراجعت خطوات بطيئة وهي تضع يديها على فمها وتبكى بمرارة لحقت بها وفاء وأخذتها بعيدا حتى لا يراها إيهاب على حالتها هذه وحاولت أن تخفف عنها
بكت مريم بحرارة وهي تقول انا مش عارفة بيعاملنى كده ليه من ساعة ما شافنى وهو واخد مني موقف حتى لما تحصل حاجة بالغلط يفتكرها حاجة وحشة أو انا قصداها
قالت وفاء مستفهمة حاجة وحشة ازاى يعنى
تابعت مريم قائلة أى حاجة تتخيلها أقع يقوم وليد يمسك أيدى فيفتكرنى موافقة انه يمسكنى كده يشوف واحدة صاحبتى بتعمل حاجة غلط يقوم يفتكرنى موافقة على تصرفاتها وكل مرة أحاول اثبتله أنى مبعملش حاجة غلط ميدنيش فرصة ويسيبنى ويمشى وبعد كل ده يهزأنى قدامك انت وعمى ويشخط فيا انت متعرفيش الپهدلة اللى كنت بشوفها وانا بشتغل معاه
أشاحت بيدها قائلة بحنق مش طايقنى طبعا ومش عارفة ليه انا عملتله أيه علشان يعاملنى كده
قالت وفاء وهي تمط شفتيها ياعينى يا يوسف هو انت وقعت ولا الهوا اللى رماك
رفعت مريم رأسها بعينين دامعتين قائلة تقصدى ايه
ضحكت وفاء بصخب وقالت وأنت كمان يا مسكينة الله يرحمكم ويحسن إليكم
قامت وفاء من مكانها وجلست قريبا من مريم وقالت بخفوت قصدى أنه بيحبك يا عبيطة وبيغير عليكى
تحجرت عيني مريم وهي تنظر إلى وفاء بعدم تصديق فأومأت لها وفاء برأسها مؤكدة وهي تقول
وانت كمان بتحبيه
نهضت مريم وكأنها لدغت وهي تصيح في وفاء أنت شكلك اټهبلتى يا بت أنت والقضايا اللى بتذاكريها لحست مخك
وبعد ثلاث ساعات كان الجميع يتجهز ويتم وضع اللمسات الأخيرة على ديكور الحديقة الجديد حتى سمعوا صوت أبواق سيارة يوسف تنطلق متتالية وكأنه في زفاف ذهب الجميع إلى بوابة الحديقة في سعادة وقد كانت سعادة مريم لا توصف حينما رأت اختها إيمان تهبط من السيارة وقد زاد نور وجهها أكثر وأكثر وزاد جمالها دون وضع أى من أدوات الزينة عليه نعم إنه نور الطاعة يزداد بها أسرعت إليها بخطوات قريبة إلى العدو ولم تنتظر إيمان حتى يستطيع يوسف أن يدخل بالسيارة بشكل كامل خرجت مسرعة إلى اختها التي تعدو إليها وسكنت مريم في حضڼ أختها وكأنها أمها عادت إليها بعد غياب مسحت إيمان
وحشتينا يا حجة خلاص بقيتى حجة رسمى ها
ضحكت ايمان ضحكة أشرق بها وجهها فزاده بهاء وقالت لا برده لسه مش رسمى أوى دى عمره مش حج
طبعا انت صاحب الأفكار البديعة دى
أشار إيهاب إلى فرحة قائلا وهو يغمز لها مش لوحدى
لم تفارق مريم إيمان ظلت ممسكة بيدها وهما جالسين في الحديقة كأنها تقول لها أحتاجك بشدة وأفتقدك نهضت أم وليد تصيح في الخادمة
يالا يا بت هاتى الأكل بسرعة
قالت عفاف بطيبة طب ما نطلع فوق احسن بدل ما البنت تقعد طالعه نازله تجيب في الأكل
قالت وفاء على الفور لا يا طنط احنا عاملين حفلة باربكيو كلوا مشويات
ثم أشارت إلى مريم وهي تقول يالا يا مريم نساعد البنت الغلبانة دى
منعتها أمها وقالت تساعديها ليه هي بتاخد شوية دى بتاخد على قلبها قد كده
تحدثت إيمان قائلة بهدوء وفيها أيه يا طنط الرسول عليه الصلاة والسلام لما كان بيجيله ضيف كان بيخدمه بنفسه
رمقتها فاطمة بنظرة جانبية وهي تقول عليه الصلاة والسلام ياختى
عانقها أخاها مرة اخرى وهو يقول وحشنا كلامك والله يا إيمان
بعد الانتهاء من تناول الطعام قالت وفاء موجهة حديثها لإيمان قوليلى بقى يا إيمان لما روحتوا المدينة المنورة ووقفتى قدام قبر النبى عليه الصلاة والسلام حسيتى بأيه
أشرق وجهها وهي تقول بعيون لامعة ياه يا وفاء مقدرش أوصفلك أحساسى أبدا حسيت پسكينة وراحة في قلبى وخصوصا وانا بقول السلام عليك يا رسول الله قلبى ارتجف كأنى واقفة قدامه عليه الصلاة والسلام
ثم تابعت وكأنها انتبهت لشىء وقالت بس تعرفى يا وفاء حجرة النبى اللى كان عايش فيها وادفن فيها كانت صغيرة أوى يمكن المظلة دى أكبر منها في الحجم مع أن النبى أكرم خلق الله على الله وحبيب الرحمن ورغم كده كان بيته بالحجم ده وبالتواضع ده واحنا بيوتنا كبيرة أوضتين وتلاتة ويمكن اكتر ورغم كده نقعد نشتكى ضيق الحال وضيق الرزق واللى ساكنة في شقة عاوزه فيلا واللى عندها فيلا عاوزه قصر سبحان الله
نظر حسين إلى عبد الرحمن نظرة ذات معنى وكأنه يقول له شوفت بقى انا اخترتلك ايه
جلست مريم مع إيهاب في غرفة المعيشة بجوار إيمان في شقتهم وهي تحكى لهم تفاصيل رحلتها الروحانية الجميلة وهما يستمعان في انتباه والأبتسامة مرسومة على شفتيهما إلى أن قال إيهاب
الله يا إيمان شوقتينى اروح عمره إن شاء الله اروح قريب أول ما اخلص تشطيب العمارة اللى عمى ادانى شغلها ويبقى معايا مبلغ محترم هسافر على طول
قالت مريم ده مبلغ يابنى يطلعك حج مش عمره انت والعيلة كلها
رمقته ايمان بنظرة متفحصة وهي تقول طب أيه رأيك طالما المبلغ حلو كده قبل ما تطلع العمرة تخطب فرحة
أبتسمت مريم وهي تنظر إلى إيهاب الذي ابتسم بدوره ولكن ظهرت عليه علامات الحيرة وهو يقول لها
تفتكرى يا إيمان تفتكرى عمى يوافق
ثم نهض مترددا وقال وبعدين هي نفسها ممكن متوافقش
قالت إيمان بثقة انا متأكدة انها هتوافق
لمعت عيناه بشغف قائلا وعرفتى ازاى هي قالتلك حاجة
أشارت له بأصبعها نافية وقالت بابتسامة مداعبة لا طبعا هي دى حاجة تتقال انا اللى عندى الحاسة السادسة والسابعة والعشرة كمان
صمت مفكرا إلى أن قال ببطء تفتكرى كده يعنى أتوكل على الله وأكلم عمى
بس لو قالى هتعيشها فين اقوله ايه في بيتك لا مينفعش استنوا لما يبقى معايا مبلغ تانى اجيب بيه شقة بره تليق بيها
صاحت مريم بمرح ليه بس يا هوبه انت ناسى الأعتراف اللى عمامى قالوا لإيمان اننا لينا نصيب في البيت هنا يعنى الشقة اللى هتجوز فيها بتاعتك من ورث بابا الله يرحمه يعنى ملكك
قالت ايمان مؤكدة أنا مع مريم يا إيهاب وعلى فكرة عمى عاوز يكتبلنا نصيبنا بيع وشړا بس مش عاوز ماما تعرف حاجة زى كده
ثم نظرت لمريم موجهة الحديث إليها سامعانى يا مريم
مريم انا وعدتك يا إيمان خلاص
تابعت ايمان وهي تنظر لإيهاب وافق يا إيهاب علشان خاطرى أنا نفسى تتجوز بقى وكمان هتسكن معانا في نفس الدور في الشقة اللى قدامنا على طول يالا توكل على الله واستخير ربنا
أومأ ايهاب برأسه موافقا وقال بسعادة غامرة طول عمرك بتفتحيلى الأبواب يا ايمان وبتحفزينى دايما
مضى اليومان المهلة التي طلبها عبد الرحمن من أبيه ليفكر فيهما في موضوع زواجه من إيمان كان يجلس في مقعده الخاص في شرفته المطلة على الحديقة شاردا حتى أتاه صوت أخته تناديه ألتفت
إليها قائلا
ايوا يا فرحة في حاجة
قالت فرحة تداعبه أيوا يا رومانسى بابا عاوزك في أوضة المكتب حالا بالا
قال عبد الرحمن وهو ينهض طب روحى انت يا غلباوية
دخل عبد الرحمن غرفة والده بعد أن طرق الباب وأغلقه خلفه وهو يقول السلام عليكم حضرتك بعتلى يا بابا
أشار له والده أن يجلس وهو يقول اقعد يا عبد الرحمن
ثم تابع أيه يعنى مردتش عليا اليومين عدوا
قال بعدم فهم أرد على أيه
رمقه والده بنظرة صارمة وقال وانا اللى قلت انك بتستخير ربنا أتاريك الموضوع مش في دماغك أصلا
تذكر عبد الرحمن الحديث الذي دار بينهما على متن الطائرة بالفعل لقد نسيه لا لعدم أهيمته ولكن لعلمه أن والده مصر على هذه الزيجة وفي كل الأحوال سوف يضطر للموافقة انتزعه والده من بين أفكاره قائلا
يعنى مردتش
عبد الرحمن بابا هو حضرتك لسه مصمم على الموضوع ده
قال حسين بإصرار أنت شايف أيه
أجاب عبد الرحمن باستسلام خلاص يا بابا حضرتك اعمل اللى شايفه صح
تنهد حسين وهو ينظر لولده يحاول أن يستشف ما بداخله في صمت ثم قال بهدوء يابنى انت عارف قيمتك عندى كويس وانا مش عايز اجبرك على حاجة وكمان إيمان زى بنتى ومرضاش أبدا انها تجوز واحد مجبور عليها
أستند عبد الرحمن بظهره إلى مقعده وهو يقول يا بابا والله إيمان بنت زى الفل وزوجة رائعة لأى حد في الدنيا وانا مش مجبور ولا حاجة كل الحكاية انى كان نفسى أحب البنت اللى هتجوزها الأول لكن خلاص اللى فيه الخير يقدمه ربنا
ابتسم والده برضا وقال عظيم كده مفضلش غير إيمان يارب بقى هي متخجلنيش
ألتفت إليه عبد الرحمن بتسائل تفتكر ممكن ترفض
قال حسين بتفكير والله يابنى مش متأكد من موافقتها انا هقعد معاها واكلمها ولو وافقت هكلم إيهاب على طول على كتب كتاب بلاش خطوبة وتضيع وقت
نهض عبد الرحمن وهو يهتف جواز كده على طول طب ناخد على بعض الأول
أبتسم حسين وقال لما انت بتقول كده وانت الراجل أومال البنت بقى هتقول أيه
قال برجاء يا بابا واحدة واحدة الحكاية مبتتاخدش قفش كده
أشار له والده منبها واعمل حسابك كتب الكتاب هيبقى شهر واحد بس وبعدين الفرح على طول
صمت عبد الرحمن ولم يرد عليه فصاح فيه فجأة مااااالك
أنتفض عبد الرحمن لصيحة أبيه وقال بتلعثم حاضر يا بابا حاضر لو عاوز الډخلة كمان ساعة انا جاهز
ضحك حسين بصوت مرتفع ثم نادى على زوجته بصوت مرتفع دخلت والدته ولحقت بها فرحة التي قالت
ايه ده بابا بيضحك بصوت عالى أكيد في حاجة كبيرة
نهض حسين من مكانه وتوجه إليها واحتضنها